أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

منهجية جاهزة لتحليل قصيدة إحياء النموذج

               منهجية جاهزة لتحليل قصيدة إحياء النموذج



حاولنا في هاته المنهجية الجاهزة أن تكون على شكل مثال حي لقصيدة شعرية في إحياء النموذج .






بعد مرحلة طويلة من التخلف والانحطاط التي طبعت الشعر العربي طوال الفترة الممتدة من سقوط الدولة العباسية سنة 656هـ على يد المغول إلى نهاية القرن التاسع عشر حيث بدأت بوادر  النهضة  الفكرية  والأدبية  والشعرية  تلوح  في  الأفق بالتوازي  مع  التغيرات  الاجتماعية والسياسية والثقافية التي عرفها المجتمع العربي، وهكذا انبرى مجموعة من الشعراء والمبدعين للقيام بمهمة إحياء الشعر العربي بالعودة إلى النموذج في عصور الازدهارالجاهلي والأموي والعباسي وتقليده على مستوى اللغة والبناء والصور الشعرية والإيقاع،ومن هؤلاء الشعراء نذكر محمد مهدي الجواهري وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومحمود سامي البارودي وعلال الفاسي وهو شاعر مغربي عرف بتقليده للشعر العربي القديم والالتزام بخصائصه،وقد ترك عددا من الأعمال الشعرية منها ديوانه الذي بين أيدينا والذي أخذنا منه هذه القصيدة،ومن خلال ملاحظة بعض المؤشرات الدالة كمدخل النص و بداية القصيدة ونهايتها وكذا العنوان"مجد الشرق"نفترض أنها قصيدة شعرية غرضها الفخر وهي تندرج ضمن تجربة إحياء النموذج، ،فما مضمونها ؟ فما الحقول الدلالية والمعجم المرتبط بها؟وما أهم خصائصها الفنية على مستوى الصورة الشعرية والبنية الإيقاعية والأساليب؟وأخيرا ما مدى انتماء النص إلى تجربة إحياء النموذج؟

استهل الشاعر قصيدته المعنونة "مجد الشرق"بالوقوف على الاطلال التي تذكر بالمجد العربي القديم،ثم انتقل بعد ذلك في الفكرة الثانية إلى إبراز مظاهر المجد العربي التي تمثلت في السيادة والملك والشجاعة ،ولكنه مجد انهار وتحول إلى ذل وتخلف، وفيآخر النص يتأسف على ضياع المجد العربي وهو ما سيبكيه طوال حياته.ركز الشاعر على حقلين دلالين الأول خاص بالمجد وألفاظه هي(مجد، السيادة، ملوك، زمام، عدل) والحقلال دال على الذل والهوان(صرنا أذلة، محا آية المجد، الغدر، باكيا )والعلاقة بين هذين الحقلين الدلالين هي علاقة تضاد لأن الشاعر قارن بين المجد العربي القديم وما يقابله من هوان في العصر الحديث.أما  فيما  يرتبط  بالصورة  الشعرية  فقد  اعتمد  الشاعر  عددا  من  الوسائل  التقليدية  كالاستعارة ويتجلى ذلك في قوله (جيش من الأسد )وهنا يشبه الجنود بالأسود، وكذلك قوله (لم تزل الأيام تفعل فعلها)، وكذلك الكناية في قوله (لكن عرتنا بعد ذلك نومة) وهي كناية عن التخلف الذي أصاب الأمة العربية،هذا إضافة إلى مجموعة من التعابير المجازية التي تميزت بالخيال ،كل هذه الصور الشعرية كانت تقليدية ولها وظيفة جمالية تزيينية.لقد اختار الشاعر في الإيقاع الخارجي بنية إيقاعية موروثة تتشكل أساسا من بحر خليلي تقليدي هوبحر الطويل، ومن نظام الشطرين المتناظرين وقافية موحدة هي (باقيا /0//0 )وروي موحد هو حرف الياء إضافة إلى التصريع في البيت الأول(خاليا=باقيا)، أما في الإيقاع الداخلي فقد اعتمد على تكرار الأصوات كالسين في البيتين الثالث والرابع،وتكرار الكلمات كما في البيت (يذكرنا /أمة.)

وإذا انتقلنا إلى الجمل والأساليب فإننا نلاحظ أن الشاعر ركز على الجمل الخبرية التقريرية التي تحتمل التصديق والتكذيب، وهي جمل كانت ملائمة لتصوير حال الأمة بين الماضي والحاضر،ومثال ذلك ( بعثنا لها جيشا من الأسد عامرا وكذلك قوله (  صرنا كما شاء الزمان أذلة غير أن ذلك لم يمنعه من توظيف بعض الجمل الإنشائية كأسلوب الاستفهام في البيت الأول )لمن طلل؟ ) ،أما الضمير المهيمن في النص فقد كان ضمير المتكلم الخاص بالجماعة لأن الشاعر كان يعبر عن ضمير الأمة العربية بكاملها .

تأسيسا على ما سبق،وبعد أن انتهينا من تحليل هذا النص،لاحظنا بأن الشاعر قد تناول في هذه القصيدة غرضا تقليديا و هو الفخر،واعتمد لغة صعبة قلد فيها الشعراء الجاهليين، كما انه استعان بعدد من الصور الشعرية التقليدية و بخاصة الاستعارة والكناية والمجاز بصفة عامة ،كما أنه اعتمد على بنية إيقاعية موروثة التزم فيها بنظام الشطرين وقافية موحدة بروي موحد،والتزم فيها بالكتابة وفق بحر خليلي تقليدي هو الطويل ،وعلى مستوى الأسلوب فقد لاحظنا بأن الشاعر ركز على الجمل الخبرية التقريرية، كل ذلك يجعلنا نؤكد الفرضية التي بدأنا بها ، وهي أن هذه القصيدة تنتمي إلى تجربة إحياء النموذج.


تعليقات