القائمة الرئيسية

الصفحات

المنظور الإسلامي للعلاقات الدولية

المنظور الإسلامي للعلاقات الدولية


في هذا المقال اشرنا إلى أن الإسلام جاء كمنهج شامل بمعظم ، فهو ينظم علاقة الإنسان بربه ، وعلاقة الإنسان مع نفسه وعلاقته بغيره و بالمجتمع ، وينظم علاقة الدولة بغيرها من الدول في زمن الإسلام  كتابا وسنة وفقها أكد على كل هذه الأنواع من العلاقات من منظور ، ما سيتم التطرف إليه باختصار في ثلاث فروع ستخصص الفرع الأول المنظور قران الكريم ، والفرع الثاني لمنظور السنة النبوية ، والفرع الثالث لمنظورالفقه الإسلامي . 
                                                                                                                                  

الفرع الأول : تنظيم القرآن الكريم للعلاقات الدولية 


في حالة السلم والحرب يقرر القرآن الكريم وبكل وضوح أن مناخ العلاقات الدولية هو مناخ الصراع والتدافع الدائم بين الأمم والشعوب والجماعات البشرية ، وهذا ما يميز تاريخ العلاقات الدولية منذ أن خلق ان البشرية ، وهي في حالة من الصراع والتدافع الدائمين هما صراع وتدافع بين الحق والباطل والخير والشر مصداقا لقوله تعالى : ( ولولا دفع الله النّاس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ) 123 ومع هذا الإيمان الإسلامي بواقع التدافع ، فإن الإسلام لا يعمل على قرض إرادته على الجنس البشري ، ولكنه يقدم نفسه دين ولا يتجه إلى استئصال الأديان ، والأفكار الأخرى ، ولا يستعين بالقوة أو الجهاد إلا من أجل إعلاء كلمة الله وفتح المجال أمام تشر هذا الدين ليكون مشعل خير وهداية للناس كافة . إن منظور العلاقات الدولية في الإسلام يستمد مقوماته من القيم والمبادئ التي قامت عليها الحضارة الإسلامية ومن هذه المقومات أنها تمتاز بتعاونها وخدمتها الجميع بني دمية علاقات طيبة مع الغير ، بغض النظر عن لونه أو لسانه ومكانه .
اختلاف الناس شعوبا وقبائل لم يكن ليتقاتلوا ويختلفوا ولكن ليتعارفوا ويتعاونوا هذا القرآن الكريم . ( يا أيها الناس إِنَّا خَلَقَنَاكُم مَن ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل بشار أكرمكم عند الله أتقاكم ) 12 فالتعارف لا يقوم بين الشعوب من دون أهداف ، وانما يكون التعاون لينتفع به من قبل هذه الشعوب ، وذلك من أجل خير البشرية جمعاء . لذا يجب أن يحقق هذا التعاون الثني والخير العام وليس لغرض الإثم والعدوان ، وقد أوضح القرآن الكريم هذه القاعدة بقوله سبحانه وتعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) . 125 ومن زاوية أخرى فإن التعاون من أجل نشر اقامة الخير الذي يمتد إلى كل جانب في المفهوم الإسلامي بما في ذلك التعاون الدولي معناه أن العلاقات الدولية في وجهها السياسية ، لابد وأن تقوم على الفضيلة و بمعنى آخر ، ترابط مفهوم العلاقات السياسية بين الدول برباط الأخلاق والأخلاق الفاضلة بالذات وهذا التأكيد على ارتباط السياسية بالفضيلة الا يقتصر مداه على السلم فقط ، ولكن يمتد كذلك إلى الحرب ، لأن العقيدة الإسلامية تقوم في اساساها على فلسفة العدالة وتكون مطلوبة بين الشعوب ويستوي فيها العدو والصديق ، وكما عبر عنها الشيخ أبو زهرة بقوله : " العدالة حق للأعداء كما هي حق للأولياء " : 126 إن مقياس نجاح العلاقات بين الدول في حالة السلم ، هو مقدار ما تحتله من عدل وا إنصاف وتعميم للخير بالنسبة للجميع . أما في حالة الحرب ، فإن العدل ، يبتدئ فيها من نقطة قيامها حيث لا يجوز أن تقوم حرب الدول الإسلامية على الظلم والعدوان كما يحب معاملة الأسري ، معاملة إنسانية عادلة .
الأصل في العلاقات الدولية في الإسلام يؤطرها السلم طبقا لقوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة . . . 128 وقال تعالى : ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ) . 129 ( تا ينهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تَبَرُوهُمْ وتُقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين 130 ) أما بخصوص الحرب ، فهنالك آيات للجهاد ولكنها كلها مشروحة في اسباب نزولها أن تبين ارتباطها بضرورة دفع الاعتداء الدفاع عن النفس ) حيث قال تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين ( 19 ) وقال تعالى كذلك ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولنن صبرتم توفير للصابرين ( 126 ) واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في شيق ما يمكرون { 127 ) ) 13 وقال تعالى أيضا : ( وقاتلوهم حتى لا تكُون فتنة ويكون الدين ليه فإن القهوة فلا عدوان إلا على الظالمين ) 133 وعلى هذا الأساس فإن الآيات المطلقة بشن الحرب مثل آية : محمولة على الآيات المقيدة للقتال بسبب العدوان أو الاعتداء مثل آية : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) 134
فالله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين أن يقاتلوا المعتدين تفعا لاعتدائهم وغزالة عقباتهم ، حتى لا يقف حائل بين الدعوة والمدعوين ، ويكون الدين الله ، وبذلك فالآيات العملاقة بتشريع القتال الحرب مقيدة بالآيات التي تقيد إنما القتال لمن قاتلنا " . 135

الفرع الثاني : العلاقات الدولية في السنة النبوية 


يعرف بعض فقهاء السنة النبوية بأنها كل ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ( الصفة هنا الصفة الخلقية ) وتدور هذه السنة في مجملها حول حياة واعمال الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم جميعا ومن اشهر مجامع ومصنفات السنة النبوية الشريفة ما يعرف بالكتب السنة والتي تحتوي الصحيحين ( صحيح مسلم وصحيح البخاري ) اللذين يعدان الأكثر أهمية وقبولا والأوسع انتشارا لدى علماء وفقهاء السنة . ! ولذلك لدقتهما وتوافر شروط الرواية المطلوبة فيهما ، أما بالنسبة لكتب الصحاح الأربعة في السنن التي قام بجمعها ابن ماجة . بالنسبة لكتب الصحاح الأربعة فهي السنن التي قام بجمعها ابن ماجة والترمذي وأبو داود والنساني . 19 وتعد السنة النبوية الشريفة مصدر من مصادر العلاقات الدولية بعد القرآن الكريم بإجماع الأمة حيث قال تعالى : ( وما ينطق عن الهوى ( 3 ) إن هو إلا وحي يوحي ( 4 ) 1370 | وقد جامت السنة النبوية التساهم في التنظير للعلاقات الدولية انطلاقا من القران الكريم مبنية مرامية انطلاقا من الأحكام المتعلقة بعلاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول الإسلامية في حالة السلم والحرب .
في العلاقات الدولية في الإسلام هو السلم ، حتى يكون الاعتداء على فيلا أو بفتنة المسلمين عن دينهم ، فالحرب حينئذ تكون ضرورة أوجها إن الأصل في العلاقات الدولية في الدولة الإسلامية فعلا أو بفتة المسا القانون للدفاع عن النفس وعن العقيدة وعن الحرية الدينية ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو المشركين بدعاية الله تعالى ، وبنيتهم الته التي نزلت عليه من ربه ، فكان يدعو إلى التوحيد في العيادة ويامرهم بالفضائل بينهاهم عن الردائل واعتبر السلام شعاره عملا بقوله تعالى : ( ولا تفوتوا بين ان از السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله منائم كثيرة كذلك كُنتُم مَن قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا ) . 1395 وفي السنة السادسة للهجرة بعد عمرة الحديبيه أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسلا وهم بمثابة سفراء على رأس بعثات إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام وكتب إليهم كتباء فقيل له يا رسول الله إن الملوك لا يقرؤون كتابا إلا مختوما فاتخذ رسول الله صل الله عليه وسلم يومئذ خاتا من فضة ونقش عليه ثلاث أسطر ( محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وختم به الكتب فخرج ستة نفر ( الرسل ) منهم في يوم واحد فقد ارسل عليه الصلاة والسلام : دحية بن خليفة الكلبي إلى عرقل ملك الروم ، وعبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ، وعمر بن أمية الضمري إلى البحرين ، وحاطب بن أبي بلتعة إلى مقوقس مصر ، وعمر بن العاص إلى جيفر ، وعبد النبي الجلندي بن المستكبر الأزليين بعمان ، وشجاع بن وهب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني بدمشق وسليط بن عمر والعامري إلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة ، والمهاجرين أبي المخزومي إلى الحارث بن عبد كلال الحميري ملك اليمن . واذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أرسى مبدأ المسلم من خلال الرسل التي بعثها في العلاقات الدولية الإسلامية ، فقد عزز ذلك في نفس الوقت بإبرامه لعدد من المعاهدات التي نضع الحرب كالصلح والهدنة حسن معاملة الأسري وغيرها من شؤون الحرب كما عقد عليه ماة والسلام معاهدات تنظم العلاقات السلمية ، كمعاهدات الأمان وحسن الجوار والتبادل الجاري وغيرها من المعاهدات ، وفي طليعتها المعاهدة التي عقدها صلى الله عليه و سلم في المين والأعداء لضمان عدم وقوع الحرب أوائل هجرته مع اليهود وهي أول معاهدة بين المسلمين والأعداء لضمان عدم بينهما ، وكذلك عقد الرسول صلى الله عليه وسلم المعاهدة المشهورة بصلح الحدسة عقدها الرسول مع أهل مكة في السنة السادسة من الهجرة تضمنت صلحا بين الرسا مكة على وضع الحرب عن الناس عشر سنين بامن فيها الناس ويكف بعضهم عن على أنه من أتي محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه ، وأنه من أحب أن ينخل في عقد محمد رعهده نخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وذهم نخل فيه . 

 الفرع الثالث : مساهمة الفقه الإسلامي في العلاقات الدولية


 
لقد شهدت القرون الأولى للإسلام اهتماما واسعا من لدن الفقهاء بالعلاقات الدولية من منظور إسلامي ، فنشطت حركة الاجتهاد خصوصا بعد ما واجهته الدعوى الإسلامية من صراع عنيف مع الأمم المجاورة مما حمل الفقهاء المسلمين البحث في حالة السلم والحرب ، وأحوال المعاهدين والمستأمنين وأهل الذمة مؤسسين بذلك لفرع في الفقه الإسلامي الدولي أطلق عليه اسم ' علم السير الذي نشا و تطور على يد فقهاء مسلمين لسد الحاجات الفقهية الطارئة وهو الذي يمكن اعتباره " علاقات دولية إسلامية ، والذي كان يقصد منه بالأساس الحفاظ على النظام العام والعدل في العالم كله ، مما يظهر حرص الإسلام على التوصل إلى حل مشكلة إقامة مجتمع عالمي ينعم بالاستقرار والنظام . أما تعريف المسلمين لعلم " السير " فقد أوجزه الشيخ محمد أبوزهرة يقوله يراد بالسير ، أحكام الجهاد والحرب ، وأحكام الصلح والمودعات وأحكام الأمان ، وأحكام الغنائم والفنية ، وغير ذلك ما يكون في الحروب وأعقابها ، وهو بالجملة باب تنظيم العلاقات الدولية بالمسلمين وغير المسلمين ، وغيرهم في السلم والحرب .
وقد كان رائد السير وأولهم الإمام أبو حنيفة وتبعه في تلك تلميذه محمد بن : الشيباني 143 ، في كتابه " السير الكبير والصغير " بالإضافة إلى كتاب عبد الرحمان واوزعي " سير الأوزعي ، وكتاب محمد بن عمر الواقدي " سير الواقدي : 145 كما أن الإمام الشافعي تتناول مثل هذه المواضيع المتعلقة بالصلح والأمان والمستأمن في كتابه الأم " ، بالإضافة إلى فقهاء آخرون تاولوا " الجهاد " في مقدمتهم الإمام الطبري في كتابه اختلاف العلماء . 146 أما بالنسبة لكتب الحديث فإن في سنن البيهقي ، أبوابا من الأمان والمستأمنين وهذا نتيجة طبيعية للفتوحات الإسلامية وقبلها حروب الردة ، ونتيجة لاتساع العلاقات بين المسلمين وغيرهم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
المعلوماتي : هو صاحب مدونة معلومة بين ايديك و هو شخص يحب مشاركة المعلومات التي تكون لها دور في افادة المتلقي و جعل ما يبحث عنه اقرب و بسهولة بالغة .

تعليقات

العنوان هنا