تحليل النص الشعري "لي في من مضى مثل" لمحمود سامي الباروديتحليل النص الشعري "لي في من مضى مثل" لمحمود سامي البارودي |
تقديم عام :
يعتبر الشاعر محمود سامي البارودي رائد المدرسة التقليدية، لأنه تَمَثَّلَ الشعر العربي القديم وقلّده تقليدا جيدا، خاصة وأن ظروف حياته في المنفى سمحت له بمعارضة كبار الشعراء الجاهليين في مرحلة الازدهار ومنهم عنترة بن شداد وامرؤ القيس وعمرو بن كلثوم، ولد عام 1838م، تخرج من المدرسة الحربية عام 1858م وشارك في حروب كريت وروسيا تحت راية الدولة العثمانية، كان له دور ريادي في هذه التجربة الشعرية حيث ساهم في إحياء النموذج العربي التقليدي كمرحلة أساس لتطوير الشعر.
ويعتبر هذا النص واحدا من نماذج التقليد في شعر البارودي، ومن خلال ملاحظة العنوان (لي في مَنْ مَضَى مَثَلُ ) والشكل الطباعي للقصيدة وكذا البيت الشعري الأول والبيت الشعري الأخير نفترض أننا أمام قصيدة تندرج ضمن تجربة إحياء النموذج، فما مضمونها؟ وما الحقول الدلالية المهيمنة فيها والمعجم المرتبط بها والعلاقة بينهما ؟ وما خصائصها الفنية من حيث الإيقاع والصور والأساليب؟
فهم النص :
أنشطة التحليل :
في الإيقاع الخارجي نلاحظ أن الشاعر اعتمد بحرا خليليا وهو بحر البسيط، كما اعتمد نظام الشطرين وقافية موحدة (هِلْهَزَلُوْ /0///0) ورَوِياً موحدا هو حرف اللام، بالإضافة إلى استخدام التصريع في البيت الأول ( تِلْغَزَلُو /0///0 = هِلْهَزَلُوْ /0///0)
ويظهر كل ذلك من خلال تقطيعنا للبيت الأول كما يلي:
رَدْدَ صُصِبَا بَعْدَ شَيْ بِلْلَمْمَتِلْ غَزَلُو *** وَرَاحَ بِل جِلْدِ مَا يَأْتِي بِهِلْ هَزَلُو
أما في الإيقاع الداخلي فقد اعتمد الشاعر تكرار مجموعة من الأصوات كتكرار حرف اللام في البيتين الأول والرابع وحرف الميم في البيت ،16، وتكرار بعض الكلمات الاشتقاقية كما في البيت 14 (يفل - فلل ) والبيت 16 (أنزل، نزلوا).
في بناء الصورة الشعرية استخدم الشاعر الوسائل التقليدية مثل التشبيه ( كَأَنَّهُ خَاصَ نَهْرَ الصُّبْحِ) والاستعارة (قَضَاء خَطَّهُ الْأَزَلُ) والكناية (لَمْ يَعْلَقْ بِهِ بَلَلُ ) كناية عن سرعة وقوة الضرب بالسيف. على مستوى الأساليب وظف الشاعر ضمير المتكلم على غرار الشعراء القدامى الذين افتخروا بذواتهم ،وجماعاتهم كما رَكَّز على الجُمَل الْفِعْلِية التي تدل على الحركة والدينامية، وهذه الحركة كانت مناسبة لافتخار الشاعر بشجاعته وفروسيته مما يقتضي منه القيام بأفعال بطولية، كما أن النص غلبت عليه الجمل الخبرية التي كانت مناسبة لغرضي الفخر ووصف الرحلة، مع وجود بعض الجمل الإنشائية التي ناسبت أسلوب الحكمة والوعظ والنصح وبخاصة منها أسلوب الأمر (وَدَعْ ما يُسْتَرَابُ بِهِ).
التركيب :
بعد تحليلنا لمستويات هذه القصيدة يمكن أن نؤكد أنها تنتمي إلى تجربة إحياء النموذج بسبب مظاهر التقليد التي توفرت فيها والتي نجملها فيما يلي:
- توظيف لغة موروثة غير متداولة.
- البدء بمقدمة وجدانية على غرار القدماء الذين كانوا يبدأون بمقدمة طللية أو غزلية.
- استخدام مجموعة من الأغراض التقليدية كالفخر والوصف.
- استخدام الوسائل التقليدية في بناء الصورة الشعرية كالتشبيه والاستعارة والكناية.
- الالتزام ببنية إيقاعية موروثة تجلت في نظام الشطرين والقافية الموحدة بروي موحد.
- التركيز على الجمل الخبرية.