العناصر المكونة للدولة
إن الدولة تشكل إحدى مقومات المجتمع الدولي
وأول مشكلة تعترض الباحث في و هي تعريف الدولة وأبسط تعريف لذلك وهي مجموعة من الأفراد يقيمون بصفة دائمة فوق إقليم معين ، ويدينون بالولاء للسلطة الحاكمة و لها السيادة على الإقليم وأفراده و يتضح من هذا التعريف أن هناك عناصر مادية وأخرى قانونية
للدولة .
الفرع الأول : العناصر المادية للدولة .
لا يمكن للدولة أن تنشأ من الناحية الواقعية ما لم
تتوفر لها مجموعة من العناصر تجعل منها كيانا اجتماعيا وهذه العناصر هي السكان وا
. قليم وحكومة تعكس سيادة وسلطان الدولة على المستوى الداخلي والخارجي .
الفقرة الأولى
: السكان
الدولة مؤسسة إقليمية سياسية تتكون من جمع من الأفراد
الذين يقطنون أرضها ، ويخضعون لسلطانها ، فيخاطبون بأحكام دستورها وقوانينها ، وما
تقرره لهم من حقوق وحريات ، وما تفرضه عليهم من تكاليف والتزامات. مفهوم السكان في
معناه الواسع ينصرف إلى جميع الأفراد المرتبطين بإطار إقليمي محدد ارتباط إقامة وعمل
. وهذا المعيار يستند إلى عوامل جغرافية وديمغرافية صرفة ، كما أن هذا المفهوم الواسع
للسكان يشمل جميع الأشخاص بما فيهم الأجانب الذين يقيمون فرق إقليم الدولة .
وتختلف العلاقة
بين الدول وسكانها بحسب ما إذا كانوا مواطنين أو أجانب عنها . فالمواطنون هم الأفراد
الذين تربطهم بالدولة رابطة قانونية تعرف بالجنسية التي عرفتها محكمة العدل الدولية
في قضية نوتبوم Nوتتيبهوم عام 1955 ، " أن الجنسية رابطة
قانونية قائمة أساسا على رابطة اجتماعية ، وتضامن فعال في المعيشة والمصالح والمشاعر
. ، مع التلازم بين الحقوق والواجبات . فهذه الرابطة تخول للمواطنين وحدهم دون الأجانب
حق الاستقرار في إقليم الدولة التي اينتمون إليها ، والتمتع بالحقوق السياسية ، وتولي
الوظائف العامة ، كما تخولهم حماية الدولة التي ينتمون إليها كما يتحملون في المقابل
في سبيل دولتهم أعباء لا يتحملها الأجانب ومنها اتجندهم في القوات اللازمة للدفاع عنها
وتلبيتهم لكل نداء توجهه إليهم أو أي إجراء تتخذه للمحافظة على كيانها وسلامتها وتقدمها
. ويعتبر أجنبيا كل من لا يتمتع بجنسية الدولة ويتحدد مركز الأجانب إما بواسطة التشريعات
الداخلية للدول ، أو بواسطة الاتفاقيات الدولية ، وتلتزم كل دولة بحماية الأجانب المقيمين
فوق إقليمها وتمكينهم من العديد من الحقوق والحريات اللصيقة بالشخصية الإنسانية .
الفقرة الثانية : الإقليم
هو ذلك الحيز الجغرافي الذي يقيم عليه السكان بصفة
دائمة ، ولا يمكن أن تتمتع بهذا الوصف قبائل الرحل التي تنتقل من مكان لآخر ، كما لا
تعتبر في عداد الدول الجماعات الإنسانية التي ليس لها إقليم خاص بها وتستقر عليه وتتفرد
به على الدوام ، ولا يشترط في الإقليم أن يكون متصل الأجزاء كاليابان وأندونسيا التي
تتكون أقاليمها من مجموعة من الجزر ويفصل بينهما البحر وقد يقع إقليم الدولة في قارات
مختلفة مثل تركيا . كما لا يشترط بالضرورة لوجود دولة أن يبلغ إقليمها مساحة معينة
. فهناك دول صغيرة من حيث المساحة مثل الفاتكان ء سان مارينو ء اللوكسمبورج ء موناكو
، في حين توجد ادول تشمل أقاليمها مساحات شاسعة مثل الصين الشعبية ء الولايات المتحدة
الأمريكية وينبغي أن تكون رقية الإقليم واضحة المعالم والحدود والا تكون محل نزاع بينها
وبين غيرها . ويتكون إقليم الدولة من ثلاث عناصر : الإقليم البري ويشمل اليابسة وما
يوجد تحتها اوما يقوم عليها من منشأت او معالم طبيعية كالجبال والهضاب والتلال ، والإقليم
المائي ويشمل المياه الداخلية التي تضم الأنهار والبحيرات والبحار المقفلة والقنوات
المائية وكذلك المياه الساحلية والخلجان والمضايق . أما الإقليم الجوي فيشمل طبقات
الجوالتي توجد فوق إقليمي الدولة البري والبحري .
ولكل إقليم دولة
له حدود تفصله عن أقاليم الدولة الأخرى المحيطة به ، وتكون هذه الحدود إما طبيعية كالجبال
والأنهار والبحيرات والبحار وا ما حدود اصطناعية كالعلامات والأعمدة والأحجار والأبراج
والخطوط الوهمية كخط الطول أو العرض وترجع اهمية الحدود إلى أنها تعد النقاط الإقليمية
التي تتوقف عندها سيادة الدولة واختصاصات وتبدأ سيادة واختصاصات الدول الأخرى
الفقرة الثالثة : الحكومة
ايقتضى قيام الدولة إلى جانب السكان
والإقليم وجود هيئة سياسية منظمة قان ضوء الأحكام الدستورية ومختلف التشريعات التي
تشخص السلط والاختصاصا المستوى الخارجي في إطار مؤسسي وطني يعرف بالحكومة التي تضطلع
بممارسة مختلفة في الدولة ، كما تسير على السلامة الداخلية والأمن والدفاع عن وحدتها
الإقليم والرعايا . كما تهتم بمختلف المرافق ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي كاستن
الموارد والتشغيل والتربية والتعليم إلى جانب المهام الخارجية .
الفرع الثاني
: العناصر القانونية للدولة :
لقد أصبح من المسلم به أنه لا يكفي القبول بوجود
الدولة اجتماع العناصر المائية بل لابد من توافر عناصر أخرى كانت محط نقاش بين الفقهي
الدولي وهي : السيادة والشخصية القانونية والاعتراف .
الفقرة الأولى : السيادة
إن مفهوم السيادة
تزامن مع ظهور الدولة الحديثة وقد كان دورها في الأصل هو تدعيم وجود الدول الحديثة
في أوروبا ومقاومة هيمنة البابا والإمبراطور والقضاء على النظام الإقطاعي ، كما قامت
أساسا لتبرير استئثار الملوك بالسلطة كلها وكان ظهورها إيذانا بنشاة القانون الدولي
بمفهومه المعاصر وقد عرفها جون بودان بأنها : السلطة العليا على المواطنين والرعايا
والتي لا تخضع للقوانين .
وتفيد السيادة واقعا سياسيا معينا وهوالقدرة على الانفراد
بإصدار القرار السياسي في داخل الدولة وخارجها ، ومن ثم القدرة الفعلية على الاحتكار
الشرعي لادوات الداخل ، وعلى رفض الامتثال لأية سلطة تأتيها من الخارج .
وللسيادة مظهران
: مظهر داخلي يتجلى في سلطان الدولة على الأشخاص ، وعلى إقليم الدولة ، ومظهر خارجي
، وهو حرية الدولة في تصريف شؤونها الخارجية وتحديد علاقاتها بسائر الدول الأخرى وحرياتها
في التعاقد معها وحقها في إعلان الحرب أو إلتزام الحياد . ويضاف إلى ذلك أن للسيادة
أوصاف منها أنها واحدة لا تقبل التجزئة ولا تقبل التصرف ولا تخضع للتقادم المكسب أو
للتقادم المسقط . |
الفقرة الثانية
: الشخصية القانونية
تعني الشخصية القانونية
أهلية الدولة لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات الدولية بإرادتها . كما أنها تفيد من
ناحية أخرى ، تمتع الدولة بالأهلية وقدرتها في إرساء قواعد القانون الدولي عبر إبرام
المعاهدات الدولية أو الاشتراك في خلق الأعراف المتواترة . ويعتبر تمتع الدولة بالشخصية
القانونية أثر من أثار السيادة فكل دولة ذات سيادة تعتبر شخصا قانونيا دوليا ، لكن
ليس كل شخص دولي بعد متمتعا بالسيادة فبعض المنظمات الدولية مثلا تتمتع بالشخصية الدولية
دون اكتسابها مع ذلك للسيادة .
الفقرة الثالثة
: الاعتراف الدولي
يشير مفهوم الاعتراف الدولي نقاشا واسعا بين أهمية
في اكتساب الدولة ممارسة سيادتها على المستوى الخارجي وبين منكر لذلك بمجرد استكمالها
للعناصر المادية المذكورة سلفا مع عنصر السيادة والشخصية القانونية ، وبين هذا الرأي
وذلك يبقى للاعتراف دور مرتبط بدينامية الدول باعتباره عمل انفرادي يسعى إلى الاعتراف
بقيام دولة جديدة او الاعتراف بحكومة وعلى هذا الأساس أسست نظرية الاعتراف التي تتوزع
حسب طبيعتها إلى نظريتان.