القائمة الرئيسية

الصفحات

مادة التنظيم الإداري s2 السداسية الثانية
مادة التنظيم الإداري s2


مقدمة

مما لاشك فيه أن كل مجتمع إنساني يحتاج إلى مجموعة من القواعد والضوابط القانونية التي تنظمه وتضع الأسس التي بناء عليها يتم تحقيق الانسجام بين مختلف الروابط والعلاقات الاجتماعية ، سواء تلك العلاقات التي تتم فيما بين الأفراد أو فيما بين هؤلاء وبين الدولة .
ونتيجة لذلك كان من الطبيعي أن تتنوع هذه القواعد القانونية تبعا لتنوع العلاقات الاجتماعية ، فتعددت فروع القانون وأصبح لكل فرع طبيعته وخصائصه الذاتية، فتم تقسيم القواعد القانونية إلى قسمين كبيرين منذ العهد الروماني هما قواعد القانون الخاص وقواعد القانون العام، واستمر الأخذ بهذا التقسيم حتى الوقت الحاضر .
فالقانون الخاص ينظم مختلف العلاقات التي تنشأ في المجتمع بين الأفراد وهو يتفرع إلى القانون المدني، القانون التجاري، القانون الجنائي، قانون العمل والقانون الدولي الخاص والمسطرة المدنية ... الخ.
أما القانون العام فينقسم إلى فرعين رئيسيين : القانون العام الخارجي الذي ينظم العلاقات بين الدول سواء وقت السلم أو زمن الحرب والمتمثل في القانون الدولي، والقانون العام الداخلي الذي يهتم بتنظيم العلاقات التي تنشأ بين الأفراد والدولة أو الإدارة ، ويشتمل على القانون الدستوري والقانون الإداري والقانون المالي.
وتهدف قواعد القانون الإداري إلى تحقيق المصلحة العامة من قبل الإدارة العامة، إذ تحتل هذه الأخيرة مركزا مهما في مواجهة الأفراد نظرا لما تتمتع به من امتیازات وسلطات تحقيقا لهذه المصلحة .
ومع ازدياد وظائف ومهام الدولة في العصر الحديث - حيث لم تعد تلك الدولة الحارسة التي تقتصر وظائفها على الدفاع والأمن والقضاء - فقد ازدادت أهمية القانون الإداري بالرغم من نشأته الحديثة، وتدخلت الدولة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية ، فانعكس ذلك على القانون الإداري وعلى قواعده التي تنظم مختلف أنشطة الدولة ودخولها في علاقات مع الأفراد.
وحظيت دراسة القانون الإداري بأهمية واهتمام الباحثين وتشعبت مواضيع القانون الإداري وتنوعت ، فشملت ميادين التنظيم الإداري والنشاط الإداري والوسائل التي تعتمد عليها الإدارة في ممارسة هذا النشاط من عمال وموظفين عموميين وأموال عامة وما تستخدمه من سلطات و امتیازات في ممارسة أنشطتها تحقيقا للمصلحة العامة، هذا إلى جانب موضوع الرقابة القضائية على أعمال وتصرفات الإدارة .
من خلال ما تقدم ، سوف تقتصر دراستنا للقانون الإداري على المواضيع التالية :

الفصل الأول: التعريف بالقانون الإداري
الفصل الثاني : المبادىء العامة للتنظيم الإداري



الفصل الأول


التعريف بالقانون الإداري


سوف نتعرض في هذا الباب لمجموعة من المبادئ المرتبطة بالقانون الإداري من حيث تحديد مدلوله، وإبراز خصائصه ومصادره إلى جانب إظهار علاقته بغيره من القوانين وذلك في مباحث مستقلة.
المبحث الأول : تعريف القانون الإداري
المبحث الثاني : خصائص القانون الإداري
المبحث الثالث : مصادر القانون الإداري
المبحث الرابع : علاقة القانون الإداري بالقوانين الأخرى


المبحث الأول : تعريف القانون الإداري

 

مما لاشك فيه أنه من إحدى خصائص القانون الإداري أنه قانون غیر مقنن، أي عدم وجود تشريع يحدد الأحكام والمبادئ التي يقوم عليها والتي تنظم نشاط الإدارة ، لهذا حاول الفقه إعطاء تعريف محدد للقانون الإداري، فظهرت مجموعة من المحاولات الفقهية كل منها تعطي مفهوما لهذا القانون وذلك حسب الزاوية التي ينظر منها كل فقيه إلى هذا القانون. .
وأمام هذه المحاولات المتعددة اعتمد مجموعة من الفقهاء حلا وسطا محاولا تعريف القانون الإداري بصورة - جامعة مانعة - توفق بين أكثر من معیار.
فقد عرف الدكتور محمد فؤاد مهنا القانون الإداري بما يلي :
" القانون الإداري قانون عام قضائي يحكم السلطات الإدارية في الدولة وهي تعمل في مباشرة وظائفها بوصفها سلطات عامة تتمتع بحق السيادة المقررة للدولة، وتباشر اختصاصاتها معتمدة على ما تملكه بهذه الصفة من حقوق وامتیازات خاصة .
فمن خلال هذا التعريف نلاحظ تركيز الدكتور محمد فؤاد مهنا على الامتيازات والسلطات التي تتمتع بها السلطات الإدارية أثناء ممارسة وظائفها واختصاصاتها. أما الفقيه دولويادير - A De . Laubadere - وهو من أنصار المرفق العام - فقد عرف القانون الإداري بأنه :
" فرع القانون العام الداخلي الذي يشمل تنظيم وتشاط، ما نسميه بالإدارة ، يعني مجموع السلطات والأعوان والهيئات المكلفة ، تحت إشراف السلطات السياسية، بإنجاز مختلف تدخلات الدولة الحديثة والجماعات المحلية *
فقد أظهر تعريف الفقيه دولويادير أهمية الأنشطة والخدمات التي تقدمها الإدارة - الدولة والجماعات المحلية - باعتبارها الساهرة و المسؤولة على حسن سير المرافق العامة .
ولقد حاول بعض الفقهاء الأخذ بمعايير أخرى لتعريف القانون الإداري، فهناك من أخذ بالمعيار العضوي في حين فضل البعض الآخر المعيار الموضوعي ( أو الوظيفي ).
فيعرف القانون الإداري عضويا بأنه القانون الذي ينظم الأجهزة أو الهيئات الإدارية في الدولة، فهذا المعيار ( العضوي) ينظر إلى السلطة الإدارية من حيث تنظيم أجهزتها وصور هذا التنظيم سواء أكان مركزيا أم لامركزيا.
بينما يعرف القانون الإداري موضوعيا بأنه القانون الذي يحكم نشاط ووظيفة السلطة الإدارية، ويبين اختصاصات الأجهزة الإدارية المختلفة، فهذا المعيار يستند إلى طبيعة النشاط الذي تقوم به الهيئات الإدارية في الدولة من أجل تحقيق المصلحة العامة للأفراد وذلك بواسطة مجموعة من الوسائل ... الخ.
ولقد ثار الخلاف حول ترجيح أحد المعيارين، فالبعض فضل المعيار العضوي لتعريف القانون الإداري نظرا لسهولته ووضوحه، في حين تمسك البعض الآخر بالمعيار الموضوعي لأنه يركز على موضوع نشاط الإدارة دون النظر إلى تنظيم الأجهزة الإدارية التي تقوم بهذا النشاط، وصور هذا التنظيم .
كل هذا أدى إلى ظهور اتجاه في فقه القانون الإداري يوفق بين المعيارين السابقين في تعريف القانون الإداري . حيث عرفه الدكتور سليمان الطماوي بما يلي :
" والقانون الإداري بصفة عامة، هو ذلك القانون الذي ينطبق على الإدارة بمعنييها السابقين، فيحكم الهيئات الإدارية في قيامها بوظيفتها الإدارية إلا أنه تدارك هذا التعريف وأكد بأن هذا التعريف الإجمالي لايعبر بدقة عن " القانون الإداري " بمعناه الفنية، نظرا لأنه ليست بالضرورة ، كل القواعد القانونية المطبقة
على الإدارة أثناء ممارسة وظيفتها ، من قواعد القانون الإداري وذلك لسببين اثنين:
الأول : القانون الإداري لا يشمل كل نشاط الإدارة، فالجانب المالي للإدارة يدخل في اختصاص القانون المالي .
الثاني: التجاء الإدارة في ممارسة بعض أنشطتها إلى أحكام وقواعد القانون الخاص ( كعقود الإدارة الخاصة)، فضلا عن تزايد نشاط الإدارة الذي يخضع للقانون الخاص ( المرافق العامة الاقتصادية).
ولعل أفضل محاولة للجمع بين المعيارين العضوي والموضوعي، وإعطاء تعريف دقيق للقانون الإداري ما جاء في تعريف الفقيه ريفيرو - Rivero.ل، حيث عرف القانون الإداري بأنه :
مجموعة القواعد القانونية المغايرة للقانون العادي والتي تنظم النشاط الإداري للأشخاص العامة :
 ويلاحظ أن مجموعة من الباحثين في القانون الإداري تبنوا هذا التعريف وأشادوا به لأنه يجمع معظم عناصر القانون الإداري  وإن كان ينقصه الجانب المتعلق بالقواعد التي تسري على بعض الجمعيات والهيئات التي تقوم بتقديم خدمات عامة .
لهذا يمكننا القول بصفة عامة بأن القانون الإداري هو مجموعة من القواعد القانونية المتميزة التي تحكم وتنظم نشاط الأشخاص العامة ذي الطبيعة الإدارية.
ولكن ماهي هذه القواعد القانونية المتميزة التي يشملها القانون الإداري؟
تنقسم قواعد القانون الإداري إلى ثلاث مجموعات :
المجموعة الأولى : وتشمل مجموعة القواعد القانونية التي تتعلق بالتنظيم الإداري ، وهي التي تبين قواعد وأسس تكوين الجهاز الإداري في الدولة ، سواء على المستوى المركزي أو المستوى اللامركزي .
المجموعة الثانية : وتشمل مجموعة القواعد القانونية التي تتعلق بالنشاط الإداري، وهي التي تبين اختصاصات الجهاز الإداري وامتيازاته، والأحكام التي يخضع لها عند ممارسة نشاطه
المجموعة الثالثة : وتشمل مجموعة القواعد القانونية التي تتعلق بالمنازعات الإدارية وهي التي تبين أحكام الرقابة القضائية على أعمال الجهاز الإداري.
بعد إبراز مفهوم القانون الإداري وتعريفه وتحديد القواعد القانونية التي يشملها نتعرض لخصائص القانون الإداري.

المبحث الثاني : خصائص القانون الإداري


يتميز القانون الإداري بمجموعة من الخصائص تميزه عن غيره من القوانين تتمثل فيما يلي :
أولا : القانون الإداري حديث النشأة
عند الحديث عن نشأة القانون الإداري وتطوره - نلاحظ أن القانون الإداري لم تتبلور نظرياته وأحكامه إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وذلك بفضل اجتهادات القضاء الإداري الفرنسي متمثلا في مجلس الدولة إلى جانب ملاحظات وتعاليق الفقه الفرنسي خصوصا عندما أصبح القضاء الإداري مستقلا وأعطيت له ولاية الفصل في المنازعات الإدارية.
ويرى بعض الفقهاء أن تأخر نشأة القانون الإداري في فرنسا تعود إلى عدة أسباب منها:
تأخر نشأة مجلس الدولة وتأخر ظهور الوحدات الإدارية اللازمة النشوء القانون الإداري، هذا فضلا عن حداثة فكرة الفصل بين الشخصية المعنوية وتميزها عن شخصية الدولة .
ثانيا : القانون الإداري قانون قضائي أساسا
يلعب القضاء دورا رئيسيا بالنسبة للقانون الإداري، وهناك إجماع فقهي على أن القانون الإداري هو قانون قضائي، وذلك نظرا للدور المهم الذي يلعبه القضاء في خلق قواعد وأحكام القانون الإداري، فهو الذي يبتكر هذه القواعد بل يعمل على تطويرها لتتناسب مع الظروف المتغيرة، وأحيانا يفسر بعض النصوص القانونية الغامضة، كما أنه يقوم بإيجاد الحلول للنزاعات التي تنشأ بين الإدارة والمواطنين.
لهذا قيل بان القضاء الإداري هو في الأغلب قضاء إنشائي، إذ لايقتصر دوره على مجرد تطبيق القانون على المنازعات المعروضة عليه فقط، وإنما يمتد - إذا لم يجد القاعدة القانونية الواجبة التطبيق - إلى خلق قواعد هذا القانون بما يتفق وطبيعة المنازعات الإدارية، وذلك على خلاف القضاء العادي الذي يعتبر قضاءا تطبيقيا .
إلا أن المشرع قد يتدخل أحيانا ويتبنى النظريات والمبادئ التي توصل إليها القضاء، إلا أن هذا لا يحول دون اعتبارها نظريات من صنع القضاء.
ثالثا : القانون الإداري غير مقتن
ويقصد بذلك عدم وجود تشریع موحد يجمع نظريات ومبادئ القانون الإداري كما هو الأمر بالنسبة للقوانين الأخرى، كالقانون المدني والتجاري والقانون الجنائي.
ويعود عدم تقنين القانون الإداري إلى أسباب أهمها : سرعة تطور موضوعاته وشعبها، ذلك أن القانون الإداري لم يتوقف أبدا عن التطور والتغير المستمر حتى يتلاءم مع الظروف والتطورات المستجدة ، أضف إلى ذلك اعتماد القانون الإداري إلى حد كبير على سلطة القاضي الإداري وحريته في استنباط الأحكام وتطبيق القانون المناسب الظروف المنازعة الإدارية ؛ فالنشأة القضائية المعظم قواعد القانون الإداري لا تتلاءم مع التقنين الذي لا تتحقق نتائجه إلا بالنسبة لقواعد تتسم بالثبات والاستقرار النسبي .
إن صعوبة تقنين القانون الإداري في مجموعة أو مدونة تشريعية متكاملة، لم تمنع من تنظيم موضوعاته في التشريعات خاصة، وكمثال على ذلك قانون
الوظيفة العمومية والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية والتشريع المتعلق بكيفية إبرام الصفقات العمومية ... الخ.
إلا أنه رغم وجود هذه التقنينات الجزئية لبعض مبادئ وقواعد القانون الإداري، تظل السمة البارزة للقانون الإداري هي علم تقنينه .

المبحث الثالث : مصادر القانون الإداري

يستمد القانون الإداري قواعده وأحكامه من مجموعة مصادر في التشريع والعرف والقضاء والفقه، والملاحظ أن هذه المصادر هي نفسها مصادر القوانين الأخرى، ولكن هناك اختلاف جد مهم يتمثل في المكانة والدور الذي تلعبه هذه المصادر في خلق قواعد القانون الإداري.
لهذا يعد التشريع والقضاء من المصادر الرئيسية والمباشرة للقانون الإداري، في حين يعتبر العرف و الفقه من المصادر التفسيرية لهذا القانون.
سوف نتناول هذه المصادر كل على حدة في مباحث مستقلة وذلك على النحو التالي :

المطلب الأول : التشريع
المطلب الثاني : العرف
المطلب الثالث : القضاء
المطلب الرابع : الفقه



المطلب الأول : التشريع


يقصد بالتشريع - كمصدر من مصادر القانون الإداري - مجموعة القواعد القانونية المكتوبة والصادرة عن سلطة عامة مختصة، فإذا كانت السلطة العامة المختصة بإصدار مثل هذه القواعد هي السلطة التأسيسية نكون بصدد " دستور " ، وإذا كانت هذه السلطة في البرلمان كنا بصدد " قانون " ، في حين إذا صدرت هذه القواعد القانونية عن السلطة التنفيذية كتا إزاء " لائحة " أو " نظام" أو " قرار تنظيمي".
ويلاحظ مما سبق أن قواعد وأحكام القانون الإداري متفرقة ولا تشملها مجموعة واحدة، بل هناك تشريعات متعددة تتضمن عددا من مواضيع القانون الإداري، | أولا : الدستور
لقد ورد الكثير من موضوعات القانون الإداري في الدساتير المغربية دستور1972 والذي تم تعديله سنة 1992 و 1996 ودستور فاتح يوليوز 2011) وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر الباب التاسع المتعلق بالجهات و الجماعات الترابية الأخرى ( الفصل 135)، أيضا الفصل 19 من الدستور الذي يؤكد على المساواة بين الرجل والمرأة و حقهما في الترشيح والانتخاب، والفصل 31 و الذي نص على الحق في الولوج للوظيفة ، وكذلك الفصل 29 الذي ضمن حق الإضراب، إلى غير ذلك من فصول الدستور التي تضمنت قواعد وأحكام متعلقة بالقانون الإداري
 ثانيا : القانون
رغم تأكيدنا بأنه من الصعب تقنين أحكام وقواعد القانون الإداري، فقد حظيت مجموعة من المواضيع ذات الارتباط الوثيق بالقانون الإداري بتقنينها في تشريعات
مستقلة مثال ذلك: قانون الوظيفة العمومية الصادر في 24 فبراير 1958 و ظهير
11 نوفمبر 1974 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة و أيضا القوانين التنظيمية للجماعات الترابية الصادرة في 7 يوليوز 2015، إلى غير ذلك من القوانين العادية والتنظيمية التي تعتبر مصدرا رئيسيا للقانون الإداري إلى جانب الدستور واللوائح .
ثالثا : اللوائح ( القرارات التنظيمية)
وهي المصدر التشريعي الثالث من مصادر القانون الإداري، ذلك أنه إذا كان الأصل أن تختص السلطة التشريعية بالتشريع ، فإن الضرورات العملية تحتم منح السلطة التنفيذية الاختصاص بوضع اللوائح في حدود التشريع الصادر من الهيئة التشريعية، وذلك لأنها أقدر ( أي الحكومة من الهيئة التشريعية على وضع القواعد التفصيلية لتنفيذ التشريع.
وفي هذا الصدد تولت السلطة التنفيذية هي الأخرى وضع نوع من القواعد العامة المجردة عرف بإسم اللوائح أو التشريعات الفرعية أو القرارات التنظيمية ، فهذه اللوائح تعتبر مصدرا من مصادر القانون الإداري وهي عدة أنواع : . فهناك اللوائح التنفيذية وهي تلك اللوائح التي تصدر بتنفيذ القوانين والرامية
إلى إظهارها وبيان الجزئيات الضرورية لتنفيذ أحكام هذه القوانين : هناك أيضا اللوائح المستقلة وهي التي تصدر عن السلطة التنفيذية بصفة
مستقلة دون إستنادها إلى تشريع قائم كما هو الأمر بالنسبة للوائح التنفيذية ، وتشمل هذه المجموعة من اللوائح نوعين: نوع خاص بإنشاء وتنظيم المرافق العامة وهي اللوائح التنظيمية، والنوع الثاني خاص بالشرطة الإدارية
والمعروف بلوائح الضيط أو البوليس. . وتصدر السلطة التنفيذية أحيانا لوائح الضرورة في غياب الهيئة التشريعية
أو فيما بين دورات انعقادها أو في حالات الضرورة وإن كان البرلمان منعقدا.
وهناك أيضا اللوائح التفويضية التي تصدرها السلطة التنفيذية بناء على تفويض من الهيئة التشريعية ويطلق في المغرب على هذين النوعين من اللوائح اصطلاح مراسيم تشريعية أو مراسيم قوانين ( Decrets
- lois ).

المطلب الثاني : العرف


العرف بصفة عامة هو عادة درج الناس عليها في تنظيم علاقة من علاقاتهم إلى أن أحسوا بإلزامها. وقد كان العرف هو المصدر الأول للقانون في المجتمعات القديمة إلى أن ظهر التشريع بمزاياه المعروفة من دقة وتحديد.
غير أن العرف ظل بجانب القانون المكتوب مصدرا تكميليا يفسر ما غمض من التشريع ويكمل ما نقص فيه، كما أن أغلب القوانين الوضعية للدول المختلفة تعتمد على العرف و تنص على أنه من المصادر المنشئة للقواعد القانونية، بل هناك بعض الدول، كانجلترا، تعتمد على العرف بالدرجة الأولى في تنظيم أوضاعها القانونية .
أما بالنسبة للعرف الذي ينشأ في المجال الإداري والذي يطلق عليه العرف الإداري، فيقصد به إتباع الإدارة بصدد نشاط معين سلوكا محددا مطردا، تلتزمه ( الإدارة) باختيارها وبصفة منتظمة بحيث يصبح هذا السلوك الذي تنتهجه الإدارة وتلتزم به بمثابة القانون المكتوب.
فالعرف الإداري إذن، هو ما درجت عليه جهات الإدارة من سلوك في علاقاتها بالبعض أو بالأفراد، واطراد سيرها عليه والتزامها بسلوكها، ولوجود العرف الإداري لابد من توافر شروطه وأركانه
أولا : أركان العرف الإداري
يتكون العرف الإداري كغيره من الأعراف في القوانين الأخرى ( العرف المدني، العرف التجاري، العرف الدستوري والعرف الدولي، من عنصرين أساسيين هما العنصر المادي والعنصر المعنوي أ- العنصر أو الركن المادي:
يكمن الركن المادي في إتباع الإدارة لسلوك معين بصفة منتظمة، وذلك بتكرار هذا السلوك وتطبيقه تطبيقا منتظما لا انقطاع فيه مادامت شروطه متوفرة. ب - العنصر أو الركن المعنوية
يتمثل الركن المعنوي في شعور الإدارة بإلزامية هذا السلوك المعين، بمعنى أن اتباع الإدارة لهذا السلوك ولد لديها شعورا بإلزامية احترامه وعدم مخالفته .
ثانيا : شروط العرف الإداري
يشترط لاعتبار العرف الإداري ملزما للإدارة أن يتوافر فيه شرطان:
أ- أن يكون العرف الإداري عاما وأن تطبقه الإدارة بصفة دائمة ومنتظمة، فإذا لم يتوافر هذا الشرط في سلوك الإدارة، فإن التصرف الذي درجت عليه الإدارة لا يرقى إلى مستوى العرف الملزم
ب - ألا يكون العرف قد نشا مخالفا لنص قانونی قائم، فالعرف يحتل المرتبة الثانية بعد التشريع من حيث تدرج القواعد القانونية، ومن ثم لا يجوز للعرف أن يخالف نصا تشريعيا، لهذا لا يمكن الاعتماد مثلا على العرف الناشئ عن خطأ في فهم القانون.
إذا توافرت هذه العناصر والشروط في العرف الإداري ، أصبح بالتالي مصدرا من مصادر القانون الإداري، إلا أن أهميته أصبحت محدودة في الوقت الحاضر مقارنة مع التشريع والقضاء الإداري، ويرجع ذلك إلى أن القواعد التشريعية سواء الدستورية أو التشريعات العادية أو اللوائح تهيمن على معظم قواعد القانون الإداري وذلك بتنظيمها بشكل دقيق ومدون .
كذلك أدى الدور الكبير الذي يضطلع به القضاء الإداري في ابتداع مبادئ وأحكام القانون الإداري إلى ضالة الدور الذي يقوم به العرف كمصدر للقانون الإداري ، لهذا فإن دور العرف يظهر في نطاق محدود من نشاط الإدارة وهو يتمثل خاصة في الجوانب الإجرائية والشكلية للعمل الإداري .

المطلب الثالث : القضاء


إذا كان دور القاضي العادي ينحصر في تطبيق القواعد القانونية على المنازعات المعروضة أمامه ، فإن القضاء الإداري لا يقتصر دوره على تطبيق القانون على المنازعة الإدارية بل يتعداه إلى استنباط القواعد القانونية وابتداع الأحكام والمبادئ التي تتناسب مع طبيعة القانون الإداري وذلك لسد الثغرات التشريعية في الموضوعات الإدارية. لهذا قيل بأن القضاء الإداري يقوم بدور إنشائي، واحتل بالتالي مركزا متميزا بين مصادر القانون الإداري المتعددة.
فيعود إلى القاضي الإداري - وبصفة خاصة في فرنسا - فضل إنشاء مجموعة أحكام ونظريات القانون الإداري والمتمثلة في : نظرية المرفق العام، ونظرية العقد الإداري، ونظرية الظروف الطارئة، ونظرية الضبط الإداري ونظرية المسؤولية الإدارية ... الخ
وقد ذهب معظم الفقهاء إلى اعتبار القضاء الإداري من المصادر الرسمية للقانون الإداري بل وأهم مصادر هذا القانون في حين يرى جانب من الفقه أن القضاء لا يعد مصدرا رسميا للقانون الإداري وذلك رغم الدور الإنشائي الذي يقوم به في خلق وابتكار القواعد القانونية التي يطبقها على المنازعات المعروضة أمامه عند غياب النصوص التشريعية .
إلا أن أهمية القضاء الإداري كمصدر من مصادر القانون الإداري أدت إلى قيام المهتمين بجمع مختلف الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية باعتبارها مرجعا مهما للقضاة والفقهاء والمحامين والباحثين يستعينون بها في معرفة القواعد الإدارية وكيفية تطبيقها .

المطلب الرابع : الفقه


ليس الفقه مصدرا رسميا للقواعد القانونية وإنما يعتبر مصدرا تفسيريا، يتولى شرح النصوص القانونية وتفسيرها، واستنباط القواعد والمبادئ والنظريات القانونية بالطرق العلمية للبحث.
وبالرغم من الدور الذي يقوم به الفقه في إصدار الآراء وتكوين النظريات القانونية وتأثيره الواضح على المشرع والقاضي على حد سواء، فليست له أية قوة إلزامية .
وفي مجال القانون الإداري، يقوم الفقه الإداري بدور هام في إبراز النظريات والمبادئ العامة التي تحكم موضوعات القانون الإداري وفي شرح المبادئ والأحكام المتفرعة عنها، وفي رصد الثغرات والغموض الذي يكتنف أحيانا التشريعات، كما يقوم الفقه الإداري بدراسة الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري فيبرز المبادئ التي تضمنتها كما أنه ينتقدها ويندي ملاحظاته وتعاليقه عليها ..
وهكذا يتضح الدور الذي يلعبه الفقه الإداري باعتباره مرشدا لكل من المشرع والقاضي معا، وقد لعب الفقه الإداري الفرنسي دورا لا يستهان به في تأسيس وتأصيل معظم نظريات القانون الإداري، وفي تدعيم استقلاله وإبراز خصائصه
ولعل من العوامل التي ساهمت في تزايد أهمية الفقه في مجال القانون الإداري: حداثة نشأة القانون الإداري من جهة وعدم تقنين موضوعاته من جهة أخرى هذا فضلا عن الطابع المتطور لموضوعات القانون الإداري تبعا لتطور متطلبات الحياة الإدارية مما يجعل الفقه الإداري دائما في عمل مستمر من أجل استحداث النظريات والمبادئ التي تتفق مع طبيعة هذا التطور.

المبحث الرابع : علاقة القانون الإداري بالقوانين الأخرى

القانون علم اجتماعي يهتم بالعلاقات والروابط الاجتماعية فينظمها تحقيقا للانسجام ومنعا للتعارض بين المصالح المختلفة، لهذا كان من الطبيعي أن تتعدد فروع القانون الوضعي، فتم تقسيم القانون إلى عام وخاص منذ عهد الرومان حتى الآن ،
فالقانون العام يشتمل على القانون العام الخارجي ( القانون الدولي) والقانون العام الداخلي الذي يتفرع بدوره إلى القانون الدستوري والقانون الإداري والقانون المالي، أما القانون الخاص فيشمل القانون المدني والقانون التجاري وقانون المسطرة المدنية والقانون الجنائي .. الخ
استنادا إلى ما تقدم يعتبر القانون الإداري أحد فروع القانون العام الداخلي وهو يتضمن مجموعة قواعد قانونية متميزة عن قواعد القانون الخاص والتي تهدف إلى تنظيم نشاط الأشخاص العامة وهي بصدد تحقيق النفع العام للأفراد.
من خلال ما سبق سوف نتعرض لصلة القانون الإداري بأحد فروع القانون الخاص ألا وهو القانون المدني، كما نتناول صلته بالقانون الدستوري وعلم الإدارة العامة، نظرا لانتمائه مع الأول إلى نفس القانون العام الداخلي وأيضا نظرا لكونه وعلم الإدارة العامة يعالجان نفس المواضيع الإدارية، وذلك في مباحث مستقلة

المطلب الأول : القانون الإداري والقانون المدني

يهتم القانون الإداري بتكوين الإدارة وتنظيمها ونشاطها ووسائلها والرقابة القضائية على أعمالها، في حين أن القانون المدني ينظم العلاقات القانونية الخاصة التي تنشأ بين الأفراد ومن هنا فإن لكل من القانون الإداري والمدني خصائصه ومميزاته واستقلاله، رغم وجود صلات بينهما لا يمكن إنكارها .
فالقانون المدني ينظم العلاقات التي تنشأ بين الأفراد أو الأشخاص الخاصة، وتقوم مبادئه على أساس المساواة بين أطراف العلاقة القانونية واحترام إرادة وحرية الأفراد في إبرام كافة التصرفات تحقيقا لمصالحهم الخاصة في حدود النظام العام.
أما القانون الإداري فهو يحكم الروابط التي تنشأ بين الإدارة والأفراد، وهي روابط غير متكافئة، إذ تتمتع الإدارة - في مواجهة الأفراد - بسلطات و امتیازات وذلك لتمكينها من تحقيق المصلحة العامة.
وبالتالي فالقانون الإداري يتضمن مجموعة من القواعد القانونية التي لا مثيل لها في القانون المدني كتلك المتعلقة بتكوين السلطة الإدارية وتلك القواعد التي تمنح الإدارة الامتيازات والحقوق، كحق إصدار القرارات الإدارية وحق التنفيذ المباشر وحق نزع الملكية للمنفعة العامة، وسلطات الضبط الإداري .. الخ.
فالإدارة باعتبارها المسؤولة عن إشباع الحاجات العامة وتحقيق الصالح العام فإنها تتمتع بهذه الحقوق والامتيازات بعكس الروابط التي تنشأ بين الأفراد ، فهي تهدف إلى تحقيق المصالح الشخصية لأطرافها و تقوم على مبدأ المساواة بين الأطراف دون إعطاء أي امتياز أو حق لأي من طرفي الرابطة القانونية الخاصة.
فبالرغم من الاختلاف الموجود بين القانون المدني والقانون الإداري فهناك نوع من التقارب بينهما نظرا للتأثير المتبادل بينهما .
. فقد تأثر القانون المدني بالكثير من مبادئ القانون الإداري لعل
أبرزها نظرية الظروف الطارئة ، كما أن القانون الإداري استعار العديد من النظريات والمبادئ التي وجدت أصلا في القانون المدني، وذلك بعد تطويرها وتهذيبها لتتلاءم مع طبيعة النشاط الإداري، ولعل أهم هذه النظريات، نظرية العقد وذلك بتطوير مبدأ : العقد شريعة المتعاقدين " بإعطاء الإدارة سلطة التعديل المنفرد لتمكينها من تسيير المرافق العامة بانتظام، تحقيقا للمصلحة
العامة . • كما أخذ القانون الإداري بعض أحكام القانون الخاص لتطبيقها
على مجموعة من أنشطة المرافق العامة الاقتصادية والمهنية، أيضا استمد القانون الإداري نظرية الشخص المعنوي من القانون المدني، فطورها لتتلاءم مع طبيعة النشاط الإداري، ليعرف بالتالي الشخصية المعنوية العامة التي أصبحت الأساس الذي يقوم عليه
التنظيم الإداري ( المركزية واللامركزية الإدارية). : أضف إلى ذلك مجموعة من النظريات والمبادئ التي أخذها
القانون الإداري عن القانون المدني، كنظرية المسؤولية التقصيرية ونظرية الملكية الخاصة .. الخ.

المطلب الثاني : القانون الإداري والقانون الدستوري


يحكم القانون الإداري الإدارة من حيث تكوينها ونشاطها والوسائل التي تستخدمها في ممارسة هذا النشاط وتنظيم الرقابة القضائية على تصرفات الإدارة.
لما كان القانون الدستوري - باعتباره القانون الأساسي - يحدد نظام الحكم في الدولة ويبين شكل الحكومة وينظم السلطات المختلفة فيها من حيث تكوينها واختصاصها وعلاقتها ببعضها وبالأفراد، فإن القانون الإداري يحكم أحد جوانب هذه السلطات وهي السلطة التنفيذية ، وخصوصا في مجال إدارة المرافق العامة وتدبير الشؤون اليومية للأعمال العامة
لهذا تدخل الحكومة - تكوينا ونشاطا - في مجال القانون الدستوري، أما الإدارة فيحكمها القانون الإداري، ومن هنا تظهر العلاقة الوثيقة بين القانون الدستوري والقانون الإداري.
وتتمثل هذه الصلة بينهما أيضا في أنهما ينتميان إلى القانون العام الداخلي، ذلك القانون الذي يعنى بعلاقة الأفراد بالدولة سواء بالنسبة لتحديد حقوقهم وواجباتهم (القانون الدستوري) أو بالنسبة لتنظيم علاقتهم بالدولة في مجال ممارسة السلطة الإدارية لنشاطها (القانون الإداري )
فالقانون الدستوري يبين حقوق الأفراد وحرياتهم وما عليهم من واجبات، أيضا يتعرض القانون الإداري بدوره لهذه الحقوق والحريات فينظمها ويحدد كيفية ممارستها والقيود التي يمكن أن ترد عليها تحقيقا للصالح العام.
أضف إلى ذلك أن القانون الدستوري هو أساس القانون الإداري لأنه القانون الأسمى في الدولة والذي يعلو جميع القواعد القانونية فيها ومنها قواعد القانون الإداري
بالرغم من العلاقة الوثيقة بين نوعي القانون العام الداخلي فهناك بعض مظاهر الاختلاف بينهما تتمثل في أن القانون الدستوري يهتم بالسلطات العامة الأساسية في الدولة ، وهي السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية، من حيث تنظيمها وتحديد اختصاصاتها وعلاقتها ببعضها.
أما القانون الإداري فلا يتعرض للسلطة التشريعية أو القضائية، بل يتعرض فقط للسلطة التنفيذية خصوصا تنظيمه لوظيفتها وتحديده هيئاتها الإدارية واختصاصات هذه أجهزة الإدارية.. الخ

المطلب الثالث : القانون الإداري وعلم الإدارة العامة

يدرس كل من القانون الإداري وعلم الإدارة العامة الجهاز الإداري في الدولة ولكن من زوايا مختلفة
فعلم الإدارة العامة يهتم بالمبادئ والأساليب العلمية لتنظيم أجهزة الإدارة وطرق عملها وذلك لتحقيق الأهداف الحكومية في إطار السياسة العامة للدولة ، بمعنى أن علم الإدارة العامة يبين كيفية عمل الإدارة وعلاقاتها من أجل تحقيق فاعليتها وتنفيذ الأهداف التي قامت من أجلها بأقل وقت وجهد ومال .
أما القانون الإداري فيشمل القواعد والمبادئ القانونية التي لها علاقة بتكوين أجهزة الإدارة والتي تحكم نشاطها والمنازعات القضائية الناشئة عن هذا النشاط
وهكذا تتحدد موضوعات علم الإدارة العامة في نشاة هذه الأخيرة وظروفها الاجتماعية والسياسية، والعمليات الإدارية كالتخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والرقابة والمشاكل الإدارية كالبيروقراطية ومشكل العلاقات الإنسانية في الإدارة والقيادة الإدارية... الخ.
بينما يتضمن القانون الإداري موضوع الشخصية المعنوية والتنظيم الإداري ووسائل السلطات الإدارية في ممارسة نشاطها الإداري كالمرفق العام والضبط الإداري هذا فضلا عن موضوع الوظيفة العامة والعقود الإدارية والقرارات الإدارية والأموال العامة والرقابة القضائية على أعمال الإدارة ... الخ.
فمن هنا يتضح الاختلاف بين القانون الإداري وعلم الإدارة العامة عند دراستهما للجهاز الإداري في الدولة، ويظهر ذلك بوضوح مثلا عند تعرضهما الموضوع الوظيفة العمومية :
فالقانون الإداري يتناول موضوع الوظيفة العمومية بتركيزه على المركز القانوني للموظف العام وطبيعة علاقته بالدولة وأوضاعه الوظيفية وحقوقه وواجباته وتأديبه.. الخ
في حين يركز علم الإدارة على كيفية تنظيم شؤون الوظيفة تنظيما علميا من حيث ترتيب الوظائف العامة وتوصيفها عن طريق تحديد اختصاصات ومواصفات كل وظيفة، وكيفية تنظيم العنصر البشري وطرق اختيار الموظفين ووسائل رفع كفاءتهم عن طريق التدريب والحوافز المادية والمعنوية ... الخ.
من خلال ما تقدم تتجلى لنا الصلة الوثيقة بين القانون الإداري وعلم الإدارة العامة من حيث دراستهما للجهاز الإداري في الدولة ولكن التباين بينهما يتمثل في اختلاف نظرتهما لمعالجة ودراسة المواضيع المتعلقة بالجهاز الإداري، الأمر الذي يترتب عليه تكامل وجهة نظر القانون الإداري مع وجهة نظر علم الإدارة العامة من أجل دراسة حقيقية وفعالة للجهاز الإداري في الدولة .
الفصل الثاني المبادىء العامة للتنظيم الإداري
يقصد بالتنظيم الإداري « Administrative »
L ' organisation تصنيف الأجهزة الإدارية في الدولة وبيان تشكيلها وكيفية توزيع و ممارسة الاختصاصات الإدارية لتنفيذ السياسة العامة للدولة.15
وتتمثل أساليب التنظيم الإداري في الدولة الحديثة في المركزية واللامركزية الإدارية، وقد تعتمد الدول في تنظيمها الإداري أسلوب المركزية الإدارية وحده، أو تطبق أسلوب اللامركزية الإدارية إلى جانبه وذلك استنادا إلى نظامها السياسي وظروفها الإقتصادية والاجتماعية ومدی عراقتها في الديمقراطية السياسية والإدارية.
وتتطلب دراسة المبادئ العامة للتنظيم الإداري التعرض الموضوع الشخصية المعنوية العامة وأسلوبي المركزية واللامركزية الإدارية وذلك في مباحث مستقلة .
المبحث الأول : الشخصية المعنوية العامة
المبحث الثاني : المركزية الإدارية
                        المبحث الثالث : اللامركزية الإدارية      



المبحث الأول : الشخصية المعنوية العامة

الشخص المعنوي هو مجموعة من الأشخاص أو الأموال تتمتع بالشخصية القانونية أي بأهلية اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات . والشخصية القانونية لا تقتصر فقط على الأشخاص الطبيعيين ( أي الإنسان العادي الذين لهم وجود مادي، بل تتمتع بها أيضا الأشخاص الاعتبارية التي تهدف إلى تحقيق هدف معين والتي تصبح قادرة على اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات كما لو كانت شخصا طبيعيا.
وفكرة الشخصية المعنوية نشأت في الأصل في مجال القانون الخاص، إلا أن أهميتها في مجال القانون العام تفوق أهميتها في القانون الخاص، ذلك أن الشخص الطبيعي (الإنسان في القانون العام لا يظهر إلا كممثل لأحد الأشخاص المعنوية ( الاعتبارية العامة.
فالإدارة العامة تعتمد بالضرورة - لممارسة نشاطها - على موظفين وعمال، وهم إذ يباشرون أعمال الإدارة فإنهم لا يتصرفون لحسابهم الخاص ، بل الحساب الإدارة، بالتالي فهم لا يتحملون الالتزامات ولا يكتسبون الحقوق الناتجة عن هذه التصرفات، بل تعود إلى الشخص الإداري الذي تمت الأعمال والتصرفات بإسمه.
ومن هنا تظهر أهمية الشخصية المعنوية في القانون العام، والتي تتمثل خاصة في خضوع الشخص المعنوي العام الأحكام القانون العام وأنفراد أشخاص القانون العام بخصائص معينة تميزها عن الأشخاص المعنوية الخاصة
وتقتضي دراسة الشخصية المعنوية العامة، تحديد طبيعتها ( هل هي مجاز أو حقيقة) وأنواع الأشخاص المعنوية العامة والنتائج التي تترتب على منح الشخصية المعنوية العامة.

المطلب الأول : طبيعة الشخصية المعنوية


لقد ثار الخلاف بين الفقهاء حول الشخصية المعنوية وانقسموا إلى فريقين: الأول ينكر وجود الشخصية المعنوية، في حين اعترف الفريق الثاني بها كنظرية قانونية لا مجال لإنكارها ، نظرا لأخذ القوانين الحديثة بها.
ولكن رغم ذلك اختلف الفقهاء الذين يعترفون بالشخصية المعنوية حول طبيعتها، فظهرت نظريتان متعارضتان: نظرية الحقيقة ونظرية المجاز.

الفرع الاول : نظرية الحقيقة

ومفاد هذه النظرية أن الشخصية المعنوية حقيقة موجودة فعلا وليست مجرد تصور أو افتراض وهمي، فالشخص المعنوي هو حقيقة من صنع المشرع، وينشأ بمجرد توافر العناصر المكونة له، وهي وجود مجموعة من الأفراد يستهدفون تحقيق غرض مشترك، فيقوم بينهم نوع من التضامن والإرادة الجماعية المستقلة عن إرادة الأفراد المكونين لهذه المجموعة.
وتبعا لذلك بنشا الشخص المعنوي الذي يعترف به المشرع ، وتذهب هذه النظرية إلى أن اعتراف المشرع بالشخص المعنوي هو تقرير الحقيقة وليس لإنشاء أو خلق الشخصية المعنوية، فهذه الأخيرة تنشأ بمجرد توافر العناصر المكونة لها وقبل تدخل المشرع.
 فالأشخاص المعنوية هي كائنات قانونية موجودة في الواقع وقادرة على اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات مثلها مثل الأشخاص الطبيعيين.
وينتقد بعض الفقه هذه النظرية بأنها بالغت في تشبيهها الأشخاص المعنوية بالأشخاص الطبيعيين، ذلك أن الشخص المعنوي ليس في الحقيقة كائنا حيا يتمتع بالإرادة الذاتية وإنما هو مجرد تنظيم للأشخاص والأموال يعمل بواسطة ممثليه.

الفرع الثاني : نظرية المجاز أو الإقتراض

تقول هذه النظرية أن الشخصية المعنوية مجرد افتراض ومجاز قانوني، فلفظ الشخص يطلق على الإنسان فقط لأنه وحده الذي يكتسب الحقوق ويتحمل الالتزامات
فالشخص المعنوي - طبقا لهذه النظرية - هو مجرد افتراض لا يستند إلى الواقع وحيلة يلجأ إليها المشرع لتمكين بعض الهيئات من تحقيق الأغراض التي قامت من أجلها، ذلك أن المشرع رغبة منه في تمكين بعض الهيئات من تحقيق منفعة عامة، يقوم بإنشاء كائن خيالي يطلق عليه اسم " الشخص المعنوي " ويعامله معاملة الأفراد الطبيعيين .
ولقد ترتب على نظرية المجاز في تحديد طبيعة الشخص المعنوي عدة نتائج لعل أهمها:
• أن الشخصية المعنوية هي من صنع المشرع ومنحة منه، حيث لا يجوز
إنشاء شخص معنوي إلا بترخيص من القانون صراحة أو ضمنا . : أيضا تتحدد آثار الشخصية المعنوية وأهلية الشخص المعنوي بما تقرره
نصوص القانون، بمعنى أن إرادة المشرع مطلقة في تقييد أهلية الشخص
المعنوي في مباشرة التصرفات وإخضاعه لرقابة صارمة.
ولقد انتقدت هذه النظرية بأنها غير قادرة على تفسير شخصية الدولة، ذلك أنه إذا كانت الشخصية المعنوية مجرد افتراض من خلق القانون أو المشرع، فمن الذي يمنح الدولة شخصيتها ؟
فالدولة هي التي تضع القانون ( عن طريق السلطة التشريعية) ولا يمكن القول أن الدولة هي التي تخلق نفسها وتعترف بالشخصية المعنوية
او من خلال ما تقدم يجب التأكيد على أنه أيا كان الخلاف الفقهي حول طبيعة الشخص المعنوي، فالذي لاشك فيه أن الشخصية المعنوية موجودة ويسلم بوجودها كل من الفقه والقضاء والتشريع ، حيث تتمتع الجماعات والهيئات بالشخصية القانونية أي بأهلية اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات مثلها مثل الأفراد الطبيعيين .

المطلب الثاني : أنواع الأشخاص المعنوية العامة


تنقسم الأشخاص المعنوية بصفة عامة إلى نوعين : أشخاص معنوية خاصة تخضع لأحكام القانون الخاص ( كالشركات والجمعيات و النقابات والمؤسسات الخاصة.. الخ )، وأشخاص معنوية عامة تخضع لأحكام القانون العام. ويقسم الفقه التقليدي الأشخاص المعنوية العامة إلى نوعين أساسيين هما:
7 أشخاص معنوية عامة إقليمية ، وأشخاص معنوية عامة مرفقية أو مصلحية .
ذلك أن الشخص المعنوي العام قد يتحدد اختصاصه في نطاق إقليمي معين أي على أساس إقليمي و ترابي ، كما قد يتحدد اختصاصه على أساس موضوعي أي في نطاق غرض معين أو نشاط محدد .

المبحث الثالث : اللامركزية الإدارية

تقتضي دراسة اللامركزية الإدارية تعريفها وبيان صورها وأنواعها ( المطلب الأول) وأيضا تحديد شروطها والعناصر التي تقوم عليها ( المطلب الثاني ) ومحاولة تقدير هذا النظام لمعرفة مزاياه وعيوبه ( المطلب الثالث )

المطلب الأول : تعريف اللامركزية الإدارية وأنواعها


مما لاشك فيه أن اللامركزية الإدارية ليست نوعا واحدا، الأمر الذي يتطلب تعريفها وتمييزها عن غيرها من الأنظمة القانونية هذا من ناحية، وتحديد أنواعها وصورها من ناحية أخرى

الفرع الأول : تعريف اللامركزية الإدارية وتمييزها


 تقوم اللامركزية الإدارية على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة السلطة المركزية في العاصمة وهيئات إدارية مستقلة تخضع لوصاية السلطة المركزية في مباشرة اختصاصاتها.
وتمارس هذه الهيئات الإدارية اختصاصها إما على أساس إقليمي فتسمی تبعا لذلك هيئات محلية أو إقليمية( ترابية مستقلة أو على أساس موضوعی فتسمى تبعا لذلك هيئات مصلحية أو مرفقية مستقلة عن الإدارة المركزية (مؤسسات عامة)
فاللامركزية الإدارية إذن أسلوب في التنظيم الإداري يقوم على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية وهيئات مستقلة محلية أو مصلحية تباشر اختصاصاتها تحت إشراف ورقابة الحكومة المركزية
أساس إقليمي أو ترابی، حيث تقوم الأشخاص العامة الإقليمية بممارسة اختصاصات السلطة العامة على إقليم محدد من أقاليم الدولة ، ذلك أن تطور النظام اللامركزي تطلب مشاركة المواطنين في تقديم الخدمات العامة وإشباع حاجاتهم الخاصة وإدارة شؤونهم المحلية .
ولقد تضمنت جميع الدساتير المغربية النص على هذه الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية ، حيث نص دستور 1972 على أن الجماعات المحلية بالمملكة هي العمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية وكل جماعة محلية أخرى تحدث بقانون .
ولقد أضاف التعديل الدستوري لسنة 1992 جماعة محلية جديدة، حيث نص في الفصل 94 على أن الجماعات المحلية بالمملكة هي :
" الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية ، ولا يمكن إحداث أي جماعة محلية أخرى إلا بقانون " (2)
إذن يستفاد من الفصل 94 من التعديل الدستوري لسنة 1992 وأيضا من الفصل المائة (100) من التعديل الدستوري لسنة 1996 على أن الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية أي الجماعات المحلية بالمملكة هي : الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية .
كما نص الفصل 135 من دستور 2011 على أن: " الجماعات الترابية للملكة هي الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات " و تحدث كل جماعة ترابية أخرى بالقانون.

الفرع الثاني :  الأشخاص المعنوية العامة المرفقية أو المصلحية


وهي تلك الأشخاص التي يتحدد اختصاصها على أساس مصلحي أو مرفقي، والصورة العادية لهذه الأشخاص العامة في المؤسسات العامة وهي أسلوب من أساليب إدارة المرافق العامة بواسطة هيئة إدارية يمنحها المشرع الشخصية المعنوية العامة وتكون بالتالي مستقلة إداريا وماليا وفنيا عن الشخص المعنوي الذي أنشأها (سواء أكانت الدولة أم أحد الأشخاص المعنوية العامة الأخرى ) على أن تخضع في مقابل ذلك للوصاية الإدارية وألا تخرج في نشاطها عن التخصص الذي منحها إياه المشرع،
ذلك أن المؤسسة العامة تتخصص في تقديم خدمة أو نشاط محدد منصوص عليه في وثيقة إنشاء المؤسسة العامة، مثل المكتب الوطني للشاي والسكر، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المكتب الوطني للسكك الحديدية..الخ

المطلب الثالث : النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية العامة


يترتب على منح الشخصية المعنوية نتائج تشترك فيها أشخاص القانون العام وأشخاص القانون الخاص، إلا أن هناك نتائج أخرى تفرد بها أشخاص القانون العام .
وتترتب النتائج القانونية المشتركة بين أشخاص القانون العام والخاص في تمنع الشخص المعنوي بكافة الحقوق - اللهم تلك المرتبطة بطبيعة الإنسان - وفي حدود القانون، حيث تكون له ثمة مالية مستقلة وموطن مستقل، كما يتمتع بأهلية قانونية تمكنه من ممارسة الحقوق وتحمل الالتزامات وبأهلية التقاضي، بمعنى أن يرفع الدعاوى على الغير كما ترفع ضده الدعاوى ، وللشخص المعنوي نائب قانوني ينوب عنه أمام القضاء
أما النتائج القانونية التي تترتب على منح الشخصية المعنوية لأشخاص القانون العام فتتمثل في :
و اعتبار الشخص المعنوي العام سلطة إدارية تتمتع بجميع حقوق
وامتيازات السلطة العامة، وينتج عن ذلك أن قرارات الشخص
المعنوي العام تعتبر قرارات إدارية وتخضع لأحكام هذه الأخيرة . : استقلال الشخص المعنوي العام بمسؤوليته ، ذلك أن تمنع
الشخص العام بذمة مالية مستقلة عن الدولة تؤدي إلى تقرير مسؤوليته عن التصرفات والأعمال التي يباشرها وتلحق أضرارا بالغير، وبالتالي يجب عليه تعويض المتضررين من ذمته المالية .

المبحث الثاني : المركزية الإدارية


لا تعتمد الدولة أسلوبا موحدا فيما يتعلق بتنظيمها الإداري، فكل دولة تتبنى الأسلوب الذي يتفق مع ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية... الخ، بالتالي فالدولة الحديثة تعتمد الأسلوب المركزي أو الأسلوب اللامركزي في تنظيمها الإداري أو قد تجمع بين الأسلوبين .
سوف تتعرض لموضوع المركزية الإدارية بالتعريف مع بيان أنواعها وذلك في مطلب أول، على أن نخصص المطلب الثاني التقدير المركزية الإدارية.

المطلب الأول : تعريف المركزية الإدارية وأنواعها


سنتعرض لتعريف المركزية الإدارية و الأنواعها و صورها في فرعين مستقلين على النحو التالي:

الفرع الأول : تعريف المركزية الإدارية


يقصد بالمركزية الإدارية حصر الوظيفة الإدارية في يد هيئة أو سلطة واحدة في الدولة، حيث تؤدي المركزية الإدارية إلى توحيد السلطة الإدارية في الدولة وجعل سلطة التقرير النهائي من اختصاص هيئات السلطة المركزية وإداراتها في العاصمة وفروعها في الأقاليم، بمعنى أن يتولى الوزراء الوظيفة الإدارية في العاصمة وممثليهم في الأقاليم .
واستنادا إلى ما تقدم تقوم المركزية الإدارية على ركنين أساسيين هما: حصر الوظيفة الإدارية في يد السلطة المركزية والتبعية الإدارية المتدرجة.
أولا- حصر الوظيفة الإدارية في يد السلطة المركزية
فالمركزية الإدارية تقوم على تركيز النشاط الإداري في يد السلطة المركزية، حيث تتولى هذه الأخيرة الإشراف على جميع المرافق والهيئات الإدارية الموجودة في الدولة، كما يرجع إليها سلطة التقرير النهائي في جميع الأمور الداخلة في الوظيفة الإدارية ، كسلطة إصدار القرارات الإدارية النهائية وسلطة تعيين الموظفين العموميين إلى جانب تركيز الاختصاصات الفنية في يد السلطة المركزية في العاصمة .
ثانيا - التبعية الإدارية المتدرجة
ويقصد بها خضوع الموظفين لنظام السلم الإداري وللحكومة المركزية ، فالموظف يخضع لسلم إداري متدرج على شكل هرم متابع الدرجات ، يبدأ من أصغر موظف إلى أن يصل إلى أعلى مسؤول في الجهاز الإداري المركزي،
حيث يخضع كل موظف للسلطة الرئاسية التي تعلوه مباشرة في الدرجة والتي يرتبط بها إداريا، حتى يصل إلى قمة الهرم الإداري أي إلى الوزير المختص في الدول البرلمانية أو إلى رئيس الجمهورية في الدول ذات النظام الرئاسي .
وعلى هذا الأساس يكون للرئيس الإداري الحق في إسناد عمل معين للمرؤوس والحق في نقله أو توقيع جزاء تأديب عليه في حدود معينة هذا فضلا عن هيمنة الرئيس التامة على أعمال المرؤوس .

الفرع الثاني : صور المركزية الإدارية وأنواعها


تنقسم المركزية الإدارية إلى نوعين :
التركيز الإداري وعدم التركيز الإداري
(Concentration et déconcentration)
أولا - التركيز الإداري :
قد تظهر المركزية الإدارية على نحو تتركز فيه الوظيفة الإدارية بكاملها في يد الحكومة المركزية في العاصمة دون أن تترك لممثليها في الأقاليم أية صلاحية أو سلطة اتخاذ قرار نهائي، بل عليهم الرجوع في كل شيء إلى وزاراتهم، وهذه هي الصورة البدائية التي ظهرت بها المركزية الإدارية ويطلق عليها عادة اصطلاح المركزية المطلقة
ثانيا - عدم التركيز الإداري ( اللاتمركز):
وهو الصورة الثانية المركزية الإدارية، وهي تقوم على أساس توزيع اختصاصات الوظيفة الإدارية على فروع الوزارات ومصالحها الخارجية في الأقاليم ، بحيث يتمتع بعض الموظفين التابعين للوزير في العاصمة أو من يمثلونه في الأقاليم بسلطة التقرير النهائي وممارسة بعض اختصاصات الوظيفة الإدارية في الحدود التي يرسمها القانون. .
وسلطة التقرير التي يتمتع بها هؤلاء الموظفين لاتعني استقلالهم عن الوزير، بل هم يمارسون اختصاصاتهم تحت إشراف الوزير ورؤسائهم الإداريين في نطاق السلطة الرئاسية.
ويتميز أسلوب عدم التركيز الإداري ( اللاتمركز الإداري) بأنه يخفف العبء عن السلطة المركزية في العاصمة وبالتالي تتحقق السرعة اللازمة لإنجاز الوظيفة الإدارية خاصة في المناطق البعيدة عن العاصمة .

المطلب الثاني : تقدير المركزية الإدارية


النظام المركزية الإدارية عدة مزايا كما له مساوی وعیوب لابد من ذكرها :
 أولا : مزايا المركزية الإدارية
ا 1- تدعم المركزية الإدارية سلطة الدولة وتقويها ، كما أنها تحافظ على وحدتها، لذلك لجأت الدولة الحديثة إلى نظام المركزية الإدارية .
2 - تحقق المركزية الإدارية تجانس الأساليب الإدارية ووضوحها وعدم تعقيدها في مختلف أقاليم الدولة، الأمر الذي يترتب عليه سهولة فهم الإجراءات الإدارية من طرف الموظفين وسرعة إنجاز الأعمال الإدارية .
3 - إن إشراف السلطة المركزية على جميع المرافق العامة، يحقق العدالة والمساواة في تقديم الخدمات العامة للمواطنين، هذا فضلا عن أن إمكانيات الدولة الضخمة سواء المادية أو الفنية تساعد على تسيير المرافق العامة على أحسن وجه.
ثانيا : عيوب المركزية الإدارية تتمثل عيوب المركزية الإدارية في ما يلي :|
1 - إن تعدد أنشطة ووظائف الدولة وانتشار الأفكار الديمقراطية تطلب ضرورة إشراك المواطن في مختلف الأقاليم في ممارسة الوظيفة الإدارية مباشرة أو عن طريق ممثليه، لهذا تخلت معظم الدول عن نظام المركزية في تنظيمها الإداري واعتمدت النظام اللامركزي.
2- انتفدت المركزية الإدارية بأنها لا تستطيع الإلمام بجميع حاجات المواطنين في كل أقاليم الدولة، ولا يمكنها الإشراف بشكل دقيق وفعال لمعرفة الخدمات التي تقدمها المرافق العامة، الأمر الذي ترتب عليه ترك سكان الأقاليم يشرفون ويديرون المرافق المحلية لإشباع حاجاتهم عن طريق ممثليهم في المجالس المحلية المنتخبة.

المبحث الثالث : اللامركزية الإدارية


تقتضي دراسة اللامركزية الإدارية تعريفها وبيان صورها وأنواعها ( المطلب الأول) وأيضا تحديد شروطها والعناصر التي تقوم عليها ( المطلب الثاني ) ومحاولة تقدير هذا النظام لمعرفة مزاياه وعيوبه ( المطلب الثالث )

المطلب الأول : تعريف اللامركزية الإدارية وأنواعها


مما لاشك فيه أن اللامركزية الإدارية ليست نوعا واحدا، الأمر الذي يتطلب تعريفها وتمييزها عن غيرها من الأنظمة القانونية هذا من ناحية، وتحديد أنواعها وصورها من ناحية أخرى

الفرع الأول : تعريف اللامركزية الإدارية وتمييزها


 تقوم اللامركزية الإدارية على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة السلطة المركزية في العاصمة وهيئات إدارية مستقلة تخضع لوصاية السلطة المركزية في مباشرة اختصاصاتها.
وتمارس هذه الهيئات الإدارية اختصاصها إما على أساس إقليمي فتسمی تبعا لذلك هيئات محلية أو إقليمية( ترابية مستقلة أو على أساس موضوعی فتسمى تبعا لذلك هيئات مصلحية أو مرفقية مستقلة عن الإدارة المركزية (مؤسسات عامة)
فاللامركزية الإدارية إذن أسلوب في التنظيم الإداري يقوم على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية وهيئات مستقلة محلية أو مصلحية تباشر اختصاصاتها تحت إشراف ورقابة الحكومة المركزية
وهذه الهيئات المحلية أو المصلحية ( المرفقية) ليس لها أي اختصاص في الوظيفة التشريعية أو القضائية وبهذا تتميز اللامركزية الإدارية عن اللامركزية السياسية وذلك على النحو التالي :
أولا – اللامركزية السياسية : Decentralisation politique
ويقصد بها توزيع الاختصاصات السياسية بين الدولة الاتحادية والولايات أو الدويلات، أي توزيع السلطات الثلاث : التشريعية والتنفيذية والقضائية بين الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات أو الجمهوريات. ويعرف هذا التنظيم من الناحية الدستورية بنظام الاتحاد الفدرالي لا وتكون الدول التي تأخذ به دولا مركبة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا وألمانيا ... الخ.
ثانيا- اللامركزية الإدارية : وهي تقوم على على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين الجهاز الإداري المركزي وهيئات أخرى مستقلة ، على أساس إقليمي (ترابي) أو على أساس مصلحي (مرفقي ).
وهي بذلك تختلف عن اللامركزية السياسية في كونها تقتصر على الوظيفة الإدارية فقط، كما أن اللامركزية الإدارية توجد في الدول البسيطة والمركبة على السواء.

الفرع الثاني : أنواع (صور) اللامركزية الإدارية


لقد سبق أن أشرنا سابقا إلى أن اللامركزية الإدارية تقوم على أساس توزیع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية وبين هيئات إدارية مستقلة، ويتحدد اختصاص هذه الأخيرة إما على أساس إقليمي (ترابي) أي ممارسة هذه الهيئات اختصاصها بالنسبة لسكان إقليم معين أو مدينة محددة ... إلخ، وإما على أساس مرفقي أو مصلحي، بمعنى أن تقوم هذه الهيئات بإدارة مرفق عام معين أو بعض المرافق العامة المحددة.
واستنادا إلى ما سبق تنقسم اللامركزية الإدارية إلى نوعين أساسيين هما : اللامركزية الإقليمية واللامركزية المرفقية أو المصلحية .
أ- اللامركزية الإقليمية :
تعتبر اللامركزية الإقليمية الصورة الأولى التي عرف بها النظام اللامركزي، وهي تتحقق بوجود جهاز إداري في كل إقليم من أقاليم الدولة ويتحدد اختصاصه في إدارة المصالح المحلية للإقليم وذلك بالنسبة للأفراد الذين يرتبطون بهذا الإقليم، وتبعا لذلك تتوزع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية في العاصمة وهيئات محلية مستقلة تمارس نشاطها في نطاق الحدود المكانية ( الترابية) للإقليم وتحت وصاية السلطة المركزية .
ب - اللامركزية المرفقية ( المصلحية )
منذ بداية القرن العشرين ازدادت الأعباء الملقاة على عاتق الدولة نتيجة تدخلها في بعض الأنشطة التي كانت تحجم عن ممارستها من قبل، فكثرت المشاريع والمرافق العامة ، وظهرت الحاجة إلى منح هذه المشاريع والمرافق العامة الشخصية المعنوية حتى تزاول أنشطتها بصفة مستقلة عن الإدارة المركزية وتتحرر من الروتين الإداري المعمول به في الإدارات الحكومية، مع خضوعها الإشراف السلطة المركزية .
ولقد أطلق الفقه على هذا النظام اصطلاح " اللامركزية المرفقية أو المصلحية "؛ وارتبط نظام اللامركزية المرفقية منذ نشأته بنظرية المؤسسات العامة.
وإذا كان اختصاص اللامركزية الإقليمية مقيدا بالحدود المكانية للإقليم، فإن اختصاص المؤسسة العامة مقيد بالغرض الذي من أجله انشئت هذه المؤسسة .

المطلب الثاني :عناصر اللامركزية الإدارية


تقوم اللامركزية الإدارية على ثلاثة عناصر رئيسية هي :
- وجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية - وجود هيئات محلية مستقلة لإدارة المصالح المحلية - ممارسة الهيئات المحلية اختصاصاتها تحت إشراف ورقابة السلطة
المركزية
                  

الفرع الأول : وجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية


من أجل قيام اللامركزية الإدارية ، لابد من وجود مصالح محلية متميزة عن المصالح العامة الوطنية ، ذلك أنه إذا كانت السلطة المركزية تتولى إدارة المصالح والمرافق العامة الوطنية نظرا لأهميتها أو حاجتها إلى توجيه مركزي موحد أو لأنها تشبع حاجات جميع المواطنين في الدولة ، فإن هناك بعض الحاجات ذات الطابع المحلى يجب إسنادها إلى السكان المحليين أنفسهم للقيام بها أي يجب أن تقوم هيئات محلية بإشباع هذه الحاجات المحلية والمرتبطة بسكان إقليم معين.
والمشرع هو الذي يتولى تحديد المصالح أو الحاجات ذات الطابع المحلي وذلك بإتباعه أحد الأسلوبين في تحديد اختصاصات هذه الهيئات المحلية الأسلوب الإنجليزي أو الأسلوب الفرنسي.
أولا - الأسلوب الإنجليزية
طبقا لهذا الأسلوب يحدد المشرع اختصاصات الهيئات اللامركزية على سبيل الحصر، بحيث لا يمكنها ممارسة أي اختصاص آخر إلا بصدور قانون جديد يسمح لها بذلك، ويطبق هذا الأسلوب في انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية والدول المتأثرة بالأنظمة القانونية الأنجلوسكسونية
ثانيا - الأسلوب الفرنسي:
في هذه الحالة يقوم المشرع بتحديد اختصاصات الهيئات اللامركزية طبقا لقاعدة عامة أو مبدا عام، مقتضاه أن جميع الشؤون المحلية هي من اختصاص الهيئات المحلية، بالتالي تمارس الهيئات المحلية نشاطها واختصاصاتها في إطار هذا المبدأ العام وحسب أنواع الأنشطة الداخلة فيه. ويطبق هذا الأسلوب في فرنسا وفي مختلف الدول المتأثرة بنظامها القانوني .

الفرع الثاني : وجود هيئات محلية مستقلة لإدارة المصالح المحلية


إن اعتراف المشرع بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية لا يكفي لقيام النظام اللامركزي ، بل يجب إستاد القيام بهذه المصالح المحلية وإشباع الحاجات العامة المحلية إلى هيئة مستقلة تمثل أبناء الإقليم أو الجماعة المحلية( الترابية).
ذلك أن جوهر النظام اللامركزي هو أن يقوم أبناء الجماعة الترابية أو الوحدة المحلية بإشباع حاجاتهم المحلية بأنفسهم وذلك عن طريق اختيار من يمتلهم للقيام بهذه المهمة ، لأنه من المستحيل أن يقوم جميع أبناء الجماعة أو الإقليم بهذه المهمة بأنفسهم .
لهذا اعتبر الانتخاب الطريقة الأساسية لاختيار أعضاء المجالس المحلية باعتبارها المعبرة عن إرادة الشخص المعنوي العام الإقليمي وذلك لضمان استقلال الهيئات اللامركزية في مواجهة السلطة المركزية

الفرع الثالث : ممارسة الهيئات المحلية اختصاصاتها تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية

إن اعتماد نظام اللامركزية الإدارية لا يلغي وجود السلطة المركزية باعتبارها الساهرة على حماية المصلحة العامة للدولة، إذ تخضع الهيئات اللامركزية لنوع من الرقابة والإشراف من قبل السلطة المركزية بهدف التأكد من ممارسة هذه الهيئات اختصاصاتها في حدود القانون وفي نطاق السياسة العامة للدولة
فاستقلال الهيئات اللامركزية ليس مطلقا بل هو نسبي، ذلك أن النظام اللامركزي يقوم على أساس ممارسة الهيئات اللامركزية اختصاصاتها خاضعة في ذلك الإشراف ورقابة السلطة المركزية، ويطلق الفقه على هذه الرقابة اصطلاح : الوصاية الإدارية «( La tutelle administrative)
أولا- أساليب الوصاية الإدارية
يمكن اتباع أحد أسلوبين في ممارسة الوصاية الإدارية ، الأسلوب الإنجليزي أو الأسلوب الفرنسي.
1- الأسلوب الإنجليزي
تمارس الهيئات المحلية في انجلترا اختصاصات واسعة وبحرية كبيرة مع خضوعها لرقابة البرلمان والقضاء أساسا، ولرقابة محدودة من جانب الحكومة .
• - فالبرلمان الإنجليزي هو الذي ينشئ الهيئات اللامركزية ويمنحها الشخصية المعنوية، ويحدد وينظم اختصاصاتها ... الخ، ولكن
من ناحية العملية فإن البرلمان يمارس رقابة متواضعة على
الهيئات اللامركزية . - أما رقابة القضاء فإنها لا تقتصر على إلغاء القرارات الإدارية،
بل تتعداها إلى درجة إصدار القاضي البريطاني الأوامر والنواهي الملزمة للإدارة، وذلك نظرا لطبيعة القضاء الإنجليزي الموحدة إذ
تخضع الإدارة للف القوات المطبقة على الأفراد. . أما رقابة الحكومة المركزية للهيئات اللامركزية فتتمثل في
مخاصمة الهيئات اللامركزية أمام القضاء والتفتيش على أعمال هذه الهيئات هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكن للحكومة المركزية استنادا إلى ترخيص من البرلمان أن تصدر بعض
اللوائح التنظيم بعض المصالح ذات الطابع المحلي .
2 - الأسلوب الفرنسي
يتميز هذا الأسلوب بخضوع الهيئات اللامركزية الرقابة دقيقة وصارمة من قبل السلطة المركزية ، حيث تشمل الوصاية الإدارية الهيئات اللامركزية وأعضائها وكذا القرارات والتصرفات التي تتخذها هذه الهيئات .
وتتمثل الوصاية على الهيئات اللامركزية وعلى أعضائها في حق السلطة المركزية في حل المجالس المحلية وتوقيفها عن عملها لمدة محدودة وأيضا في حق توقيف أعضائها واقالتهم ... الخ.
في حين تتحدد الرقابة على أعمال الهيئات اللامركزية في حق الإذن السابق لاتخاذ قرار معين أو القيام بعمل محدد، وأيضا في حق السلطة المركزية في المصادقة اللاحقة على أعمال الهيئات المحلية، وحقها في إلغاء أو سحب بعض القرارات الصادرة عن المجالس المحلية هذا إلى جانب حق السلطة المركزية في الحلول « Substitution » محل الهيئات اللامركزية للقيام ببعض التصرفات أو الأعمال، إذ امتنعت هذه الهيئات عن القيام بها بدون مبرر معقول.
ثانيا - أوجه الاختلاف بين الوصاية الإدارية والرقابة الرئاسية
تختلف الوساية الإدارية عن الرقابة الرئاسية من عدة جوانب، يمكن إجمالها على النحو التالي :
1- تعتبر الوصاية الإدارية استثناء من المبدأ العام ألا وهو استقلال الهيئات اللامركزية، بالتالي لا توجد الوصاية الإدارية إلا بنص صريح
أما الرقابة الرئاسية فلا تحتاج إلى نص التقريرها، بل هي تمارس بقوة القانون .
2 - تمارس الوصاية الإدارية من طرف السلطة المركزية على هيئات مستقلة خارجة عنها، هي الهيئات اللامركزية سواء كانت محلية أو مرفقية مصلحية ) .
في حين تتم مباشرة الرقابة الرئاسية من داخل السلطة المركزية نفسها على المرؤوسين في الهيئات والمصالح التابعة لها .
3  تقع الوصاية الإدارية بين شخصين مستقلين ، هما شخصية الدولة والشخص المعنوي اللامركزي.
في حين تتم الرقابة الرئاسية بين طرفين اثنين هما الرئيس الإداري والمرؤوسين، وهما يتبعان شخصية معنوية واحدة هي شخصية الدولة .
4 - تهدف الرقابة الرئاسية إلى ضمان حسن سير العمل الإداري وضمان مطابقة قرارات المرؤوسين للقانون وعدم خروجهم عن حدود اختصاصاتهم. |
في حين تهدف الوصاية الإدارية إلى كفالة احترام مبدأ المشروعية بالنسبة الجميع أعمال وتصرفات الهيئات اللامركزية، بمعنی رقابة مدى مشروعية القرارات الصادرة عن الهيئات الترابية .
5- تختلف الرقابة الرئاسية عن الوصاية الإدارية من حيث مدى الرقابة:
فالرقابة الرئاسية رقابة شاملة وعامة على المرؤوسين وعلى أعمالهم، حيث يتمتع الرئيس الإداري بسلطات واسعة في توجيه مرؤوسيه وإصدار الأوامر والتعليمات إليهم، كما يراقب ويعقب عن الأعمال والتصرفات الصادرة عنهم .
في حين أن الوصاية الإدارية هي رقابة استثنائية وبالتالي فهي تمارس في نطاق الحدود التي رسمها القانون، وتتمثل هذه الوصاية في الرقابة على الأعضاء وعلى الأعمال، حيث تقوم سلطة الوصاية بحل أو توقيف مجالس الهيئات اللامركزية، كما يمكنها عزل رئيس الهيئة اللامركزية ( رئيس المجلس أو مدير المؤسسة )، وتملك سلطة الوصاية أيضا حق الإتن ( التأشيرة) وحق المصادقة وحق إيقاف بعض أعمال الهيئات اللامركزية ... الخ.
يلاحظ أن هناك تطورا في الرقابة على الجماعات الترابية إذ أصبحت تمارس عبر لجوء سلطة الوصاية إلى القضاء الإداري من أجل ضمان احترام المشروعية من قبل الأشخاص العامة المعنوية الإقليمية

المطلب الثالث : تقدير نظام اللامركزية الإدارية

لقد وجهت عدة انتقادات إلى اللامركزية الإدارية من قبل معارضي هذا الأسلوب، في حين أيد البعض اللامركزية الإدارية ودافع عنه بذكر محاسنه ومزاياه. أولا : مزايا اللامركزية الإدارية
اللامركزية الإدارية العديد من المزايا، ولعل أبرزها يتحدد في الآتي:
1- تعتبر اللامركزية أسلوبا ديمقراطيا في المجال الإداري، لأنها تؤدي إلى اشتراك السكان المحليين في تشكيل المجالس الممثلة لهم عن طريق الانتخاب، كما أنها تؤدي إلى تدريب السكان على ممارسة حق الانتخاب واختيار أفضل العناصر وأكفتها لإدارة المرافق المحلية .
2 - تخفف اللامركزية الإدارية العبء عن الدولة ( الإدارة المركزية ) التي تعددت وظائفها ومهامها في العصر الحديث ، وذلك بتولي الهيئات المحلية إدارة المرافق العامة المحلية والمؤسسات العامة ذات الطابع المتميز.
3 - إن إدارة المرافق العامة المحلية من قبل الهيئات اللامركزية يحقق نتائج أفضل نظرا لقرب المشرفين عليها من السكان المحليين ومعرفتهم بحاجاتهم تفصيليا، وبالتالي فالهيئات اللامركزية أقدر من الإدارة المركزية على إدارة المرافق المحلية أو المؤسسات العامة بعيدا عن التعقيد والبطء في الإجراءات الإدارية، مما يؤدي إلى توفير الوقت والسرعة في إنجاز المهام المحلية وتقليل النفقات وتبسيط الإجراءات الإدارية .
4 - تستطيع الهيئات اللامركزية الإدارية حل المشاكل ومواجهة الأزمات والأمور الطارئة التي تحدث على المستوى المحلي أو في الميدان المرفقي والتي قد تعجز الإدارة المركزية عن مواجهتها .
5- تحقق اللامركزية الإدارية العدالة في توزيع الضرائب العامة فقد ثبت أن قيام السلطة المركزية بإدارة جميع المرافق العامة في الدولة، يتعارض مع عدالة توزيع الأعباء الضريبية، ذلك أن جميع المواطنين يساهمون في تحمل الأعباء الضريبية في حين تتأثر بالنصيب الأكبر العواصم والمدن الكبرى، وهذا يتعارض مع العدالة الاجتماعية
لهذا فإن النظام اللامركزي يقتضي تخصيص ما يتحمله أهل السكان المحليون من ضرائب لصرفه وإنفاقه على المرافق العامة المحلية، وهذا يعني ضمان وصول الخدمات العامة إلى المواطنين في جميع أنحاء الدولة .
ثانيا : عيوب اللامركزية الإدارية
يمكن حصر عيوب اللامركزية الإدارية في الآتي:
1- انتقدت اللامركزية الإدارية بأنها تمس الوحدة الإدارية للدولة، نظرا التوزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية والهيئات اللامركزية سواء الإقليمية أو المصلحية (المرفقية ) .
2 - انتقدت اللامركزية الإدارية من الناحية المالية، بأنها تتطلب نفقات ضخمة نتيجة إسراف الهيئات المحلية الأمر الذي يمثل عبئا على ميزانية الدولة .
3 - يعاب على اللامركزية الإدارية أيضا بأنها توجه اهتمامها إلى المرافق العامة المحلية على حساب المرافق الوطنية أي تغليب الأفراد المصالح المحلية
على المصلحة العامة، الأمر الذي يتسبب في نشوء نزاعات بين الهيئات اللامركزية وبين الإدارة المركزية ، أو بينها وبين هيئات لامركزية أخرى .
4  من العيوب التي وجهت إلى الهيئات الإدارية اللامركزية افتقارها إلى الخبرة والتجربة والدراية بإدارة المرافق العامة مقارنة مع كفاءة وتجربة الإدارة المركزية في هذا المجال.
تخلص مما سبق إلى أنه أيا كانت الانتقادات الموجهة إلى اللامركزية الإدارية فهذه الأخيرة نظام حديث النشأة ، وهو يكمل النظام الأصلي أي النظام المركزي ، وبالتالي فالعيوب أو القصور الذي يعاني منه النظام اللامركزي يمكن تجاوزه عن طريق ممارسة الإدارة المركزية حقها في الرقابة الإدارية ومحاولتها سد الثغرات التي تعاني منها اللامركزية الإدارية بل ومساعدتها على القيام بمهامها المحلية على أكمل وجه، خصوصا المساعدات الفنية والمالية وأحيانا حتى البشرية وذلك حتى يمكنها اكتساب الخبرة والتجربة اللازمة لإدارة الشؤون المحلية بأفضل السبل وأنجعها .
يضاف إلى ذلك أيضا أن العيوب والانتقادات التي وجهت إلى اللامركزية الإدارية هي نتيجة التطبيق السيئ لهذا الأسلوب، وبالتالي فنظام اللامركزية الإدارية جيد في أساسه ولكن سوء تطبيقه هو الذي أدى بالبعض إلى انتقاده ويمكن تجاوز هذه الانتقادات باختيار ممثلين أكفاء ولديهم من الحس الديمقراطي وحب المصلحة العامة مايجعلهم يسهرون على خدمة السكان المحليين باحسن طريقة مبتعدين عن الإسراف في أموال الهيئات المحلية أو الجري وراء مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة .

الفصل الثاني : التنظيم الإداري في المملكة المغربية

يتأثر التنظيم الإداري في أية دولة بظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية والدينية ... الخ. فهناك ارتباط وثيق بين التنظيم الإداري والنظام السياسي في الدولة، حيث يتأثر التنظيم الإداري بشكل الدولة وما إذا كانت بسيطة أو مركبة وبنظام الحكم فيها هل هو نظام رئاسي أم جمهوري أم ملكي.. الخ، وبمدى عراقتها في الديمقراطية.
ودراسة التنظيم الإداري تتناول السلطات الإدارية المركزية واللامركزية على حد سواء، والمغرب باعتباره دولة بسيطة يأخذ بنظام المركزية الإدارية المتمثلة في الملك والحكومة وممثلي السلطة المركزية في مختلف أقاليم المملكة.
يأخذ المغرب أيضا بأسلوب اللامركزية الإدارية المتمثلة في اللامركزية الإقليمية واللامركزية المرفقية التي تتمثل في المؤسسات العامة .

المطلب الأول : الإدارة المركزية


تتولى الإدارة المركزية الإشراف على مختلف المرافق العامة المنتشرة على الصعيد الوطني، وهي تشمل السلطات المركزية الحكومية ذات الطابع التنفيذي .
وتتكون الإدارة المركزية في المغرب من الملك والحكومة والمصالح الخارجية للإدارة المركزية، وسوف تتعرض للسلطات المركزية بشيء من الإيجاز وذلك على النحو التالي :
الفرع الأول : الملك
الفرع الثاني : الحكومة
الفرع الثالث : المصالح اللاممركزة.

المطلب الأول : الملك


لقد نصت الدساتير المغربية السابقة جميعها على أن " نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية  ولقد أضاف دستور 2011 كلمة برلمانية بمعنى أن المغرب ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية هذا، ويحتل الملك مكانة أسمى في ظل النظام المغربي طبقا للفصل 41 و 42 من الدستور، وذلك بالتمييز بين اختصاصات الملك كأمير للمؤمنين وأيضا بصفته رئيسا للدولة.
فطبقا للفصل 41 من الدستور فإن:
" الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية
وطبقا للفصل 42 من الدستور يعتبر:|
" الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمي بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية
الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة.
1- فاختصاصات الملك تنوع لتشمل المجال التشريعي والقضائية والتنفيذي والإداري، فمثلا تتجلى اختصاصات الملك في المجال القضائي في أنه يرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية ( الفصل 56 و 115 من الدستور)، ويوافق على تعيين القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بظهير ( الفصل 57 من الدستور ).
2 - أما اختصاصات جلالة الملك في المجال التشريعي فتتمثل في أنه يترأس افتتاح الدورة الأولى للبرلمان والتي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر من كل سنة تشريعية ( الفصل 65 )، وأيضا حق الملك حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير طبق الشروط المبينة في الفصول 96 و 97 و 98 من الدستور . الفصل 51)
3 - وتمتد اختصاصات الملك لتشمل النشاط الحكومي والإداري باعتباره سلطة عليا داخل السلطة المركزية، وبالتالي تتجلی اختصاصات الملك بالنسبة للسلطة التنفيذية فيما يلي ( بإيجاز):
: يعين الملك رئيس الحكومة، ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من
رئيسهاء (الفصل 47 من الدستور) للملك وبمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم. (الفصل 47 من الدستور) : للملك إعفاء، وبطلب من رئيس الحكومة، عضوا أو أكثر من أعضاء
الحكومة بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية. (الفصل 47 من
الدستور)
: يرأس الملك المجلس الوزاري الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء
الفصل 48 من الدستور) . يرأس الملك المجلس العلمي الأعلى (الفصل 41 من الدستور).
• الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وله حق التعيين في
الوظائف العسكرية كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق ( الفصل
53 من الدستور) : يوافق الملك على تعيين القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة
القضائية بظهير ( الفصل 57 من الدستور ) • يعتمد الملك السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، ولديه
يعتمد السفراء وممثلو المنظمات الدولية ( الفقرة الأولى من الفصل 55
من الدستور ).
 • يوقع الملك المعاهدات ويصادق عليها، غير أنه لا يصادق على معاهدات السلم أو الاتحاد، أو التي تهم رسم الحدود، ومعاهدات التجارة، أو تلك التي التي تلزم مالية الدولة، أو يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية، أو بحقوق وحريات المواطنين، العامة أو الخاصة، إلا بعد الموافقة عليها بقانون. ( الفقرة الثانية من الفصل 55 من الدستور)
4  وتتسع إختصاصات الملك إلى حد كبير في حالة الاستثناء طبقا للفصل
59 من الدستور، فإذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية
" أمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المحكمة الدستورية وتوجيه خطاب إلى الأمة بالإضافة إلى أنه " يخول للملك بتلك صلاحية اتخاذ الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية ويقضيها الرجوع ، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية 5- ويمارس الملك الاختصاصات المخولة له دستوريا بمقتضى الظهائر الموقعة بالعطف من قبل رئيس الحكومة، ما عدا بعض الظهائر التي يصدرها الملك طبقا لاختصاصاته الدستورية المنصوص عليها في الفصول 41 و 44( الفقرة الثانية ) والفصل 47 (الفقرات الأولى والسادسة) والفصول 51 و 57 و
59 و 130 ( الفقرة الأولى و الرابعة و174.( الفصل 42 من الدستور ).

المطلب الثاني : الحكومة

تتألف الحكومة من رئيس الحكومة والوزراء، ويمكن أن تضم كتابا للدولة الفصل 87 من الدستور). ويقوم الملك بتعيين رئيس الحكومة كما يعين باقي أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها. (الفصل 47 من الدستور)
أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا أمام محاكم المملكة، عما يرتكبون من جنایات وجنح، أثناء ممارستهم لمهامهم. (الفصل 94 من الدستور)
تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب المعبر عنها بتصويته لصالح البرنامج الحكومي بالأغلبية المطلقة للأعضاء. (الفصل 88 من الدستور)
وتعمل الحكومة تحت سلطة رئيسها على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين، والإدارة موضوعة رهن تصرفها. كما أنها تمارس الوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية.( الفصل 89 من الدستور)
يطلع رئيس الحكومة الملك على خلاصات مداولات مجلس الحكومة ( الفصل 92 من الدستور).
وفيما يلي نتعرض لكل من رئيس الحكومة والوزراء الذين تتألف منهم الحكومة .

الفرع الأول : رئيس الحكومة

تضمن دستور فاتح يوليوز 2011، مجموعة فصول حددت اختصاصات رئيس الحكومة، منها على سبيل المثال: : الفصل 90 الذي نص على أنه رئيس الحكومة يمارس السلطة التنظيمية ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء، وأن المقررات التنظيمية الصادرة عنه تحمل التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها.
• وتعمل الحكومة تحت سلطة رئيس الحكومة، على تنفيذ البرنامج الحكومي
وعلى ضمان تنفيذ القوانين ( الفصل 89 من الدستور) وقد وضعت
الإدارة رهن إشارته
• أيضا فهو يوقع بالعطف مع الملك على الظهائر ما عدا بعض الظهائر
التي يصدرها الملك طبقا لاختصاصاته الدستورية المنصوص عليها في الفصول 41 و 44( الفقرة الثانية ) والفصل 47 (الفقرات الأولى والسادسة) والفصول 51 و 57
59 و 130 ( الفقرة الأولى و الرابعة) و الفصل 174.( الفصل 42 من الدستور ) ، طبقا للفصل 91 من الدستور، يعين رئيس الحكومة في الوظائف المدنية
في الإدارات العمومية، وفي الوظائف الساميتو المؤسسات والمقاولات
العمومية، دون إخلال بأحكام الفصل 49 من الدستور
• يرأس رئيس الحكومة أيضا أعمال مجلس الحكومة الفصل 92 من
الدستور)، إلى غير ذلك من الاختصاصات التي أسندت لرئيس الحكومة في نصوص قانونية متفرقة..

                               الفرع الثاني : الوزراء      


تمثل الوزارة - كوحدة إدارية مركزية - قسما من الجهاز الحكومي يضم مجموعة أنشطة مرتبطة ببعضها البعض، مع احتفاظها فيما بينها بصلات وثيقة تجعل من الملائم تجميعها في وزارة واحدة يرأسها وزير و يشرف عليها ويسهر على أداء مهامها بطريقة متناسقة من أجل تحقيق هدفها المشترك.
فالأنشطة التي تجمع في وزارة واحدة ليست بالضرورة متشابهة، ولكنها على الأقل مترابطة، كإسناد التعليم بمراحله العادية إلى وزارة التربية الوطنية، وإسناد التعليم بمراحله الجامعية إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وإسناد أجهزة الأمن إلى وزارة الداخلية.. الخ .
وليس بالضرورة أن يكون هناك عدد محدد للوزارات، فقد يزيد أو ينقص عددها حسب الحاجة طبقا لتقدير السلطة السياسية العليا .
ولعل تزايد عدد الوزارات وتنوعها طبقا لتنوع النشاط الحكومي في الدولة الحديثة، له عدة فوائد أهمها :
- تجنب التداخل فيما بين اختصاصات الأجهزة الإدارية المختلفة . - سهولة مهمة التخطيط والرقابة وتوزيع ايرادات الدولة - ضمان التعاون بين الوحدات الإدارية التي تقوم بأنشطة مترابطة.
إن ترأس كل وزير لوزارته يساهم في سرعة البت في الأمور الداخلة في اختصاصه واتخاذ القرارات المناسبة، الأمر الذي يترتب عليه تحديد سلطته ومسؤوليته بكل دقة ووضوح .
فما هي إذن اختصاصات الوزير ؟ وهل هناك أنواع مختلفة للوزارات ؟ هذا ما سنتعرض له على النحو التالي :
أولا : اختصاصات الوزير
مما لاشك فيه أن الوزراء يشتركون مع رئيس الحكومة في تكوين الحكومة ( الفصل 87 من الدستور )، ويلاحظ أنه إلى جانب الاختصاصات التي يمارسها الوزير بصفته عضوا في المجلس الوزاري ومجلس الحكومة ، فإنه يتمتع باختصاصات أخرى تتمثل في حقه في الإشراف على شؤون وزارته بصفة منفردة.
لهذا قيل بأن الوزير يجمع بين السلطة السياسية والإدارية على حد سواء، حيث تمثل سلطته السياسية في كونه يشترك - كعضو في الحكومة - في رسم السياسة العامة للدولة، في حين تتجلی سلطته الإدارية في اعتباره الرئيس الإداري الأعلى في وزارته، كما يعمل على إدارة مختلف المرافق العامة الموجودة تحت إشرافه .
وبالنسبة لاختصاصات الوزير، فمنها ما جاءت في صلب الدستور كتوقيعه بالعطف على المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة باعتباره مكلفا بتنفيذها ( الفصل 90). وأيضا حق الوزير في تفويض بعض سلطائه لكتاب الدولة ( الفصل 93)
و طبقا للفصل 93 من الدستور يعتبر الوزير: |
/ مسؤولا عن تنفيذ السياسة الحكومية في القطاع المكلف به وفي إطار التضامن الحكومي ، يقوم بالمهام المسندة إليه من قبل رئيس الحكومة ويطلع رئيس الحكومة على ذلك.
، يمكنه تفويض جزء من اختصاصه إلى كاتب الدولة. ويمكن إجمال هذه الاختصاصات بصفة عامة فيما يلى :
1- تنفيذ السياسة العامة للدولة في نطاق وزارته، فهو يباشر جميع الأعمال والتصرفات ويصدر القرارات التنظيمية والفردية لتنفيذ هذه السياسة في نطاق المهام التي تتولاها وزارته، حيث يقوم بإعداد مشروع ميزانية الوزارة ومشاريع القوانين واللوائح المتعلقة بوزارته تمهيدا لعرضها على المجلس الحكومي.
2 - ممارسة السلطة الرئاسية على موظفي وزارته، قال وزير رئيس إداري يملك - استنادا إلى سلطته الرئاسية - اختصاصات يمارسها في مواجهة كافة موظفي وزارته، ومن هذه الصلاحيات:
، حق تعيين الموظفين وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وفصلهم وإنهاء
خدمتهم طبقا للقوانين واللوائح المعمول بها في هذا المجال، | ، كما يصدر القرارات المتعلقة بتنظيم الإدارات والمصالح الداخلة في
وزارته، ويقوم بتوزيع الاختصاصات بين الموظفين وفقا لمتطلبات حسن سير العمل الإداري ،
ويتمتع الوزير أيضا - استنادا إلى سلطته الرئاسية - بسلطة إصدار الأوامر والتعليمات والمنشورات الملزمة للمرؤوسين والتي تحدد ما يجب عليهم القيام به، وله حق الرقابة اللاحقة والتعقيب على أعمالهم والغاء أو سحب أو تعديل أو تبديل ما يصدر عنهم
من قرارات .
ويمارس الوزير أختصاصاته السابقة بعدة أساليب ، كالقرارات الإدارية الفردية أو التنظيمية أو العقود او المنشورات أو التوجيهات المصلحية أو المذكرات ومختلف التدابير الداخلية .
3 - أيضا يمارس الوزیر اختصاصا آخر يتمثل في الوصاية على الأشخاص المعنوية العامة المرتبطة بوزارته، فمثلا يمارس وزير التعليم العالي والبحث العلمي الوصاية على الجامعات، ويمارس وزير الداخلية الوصاية على الجماعات المحلية و وزير الفلاحة الوصاية على مؤسسة القرض الفلاحي.. إلخ .
 4- فضلا عما سبق يعتبر الوزير الآمر بالصرف l'ordonnateur
بالنسبة للمصاريف والنفقات المتعلقة بوزارته
5- يعتبر الوزير مسؤولا عن أعمال وزارته ومرؤوسيه إداريا وقضائيا، فهو الذي يمثل وزارته أمام القضاء عن كل الأعمال والتصرفات القانونية التي تتعلق بوزارته، حيث توجه ضده جميع الدعاوى المرفوعة على الوزارة بسبب القرارات الصادرة عنه أو من مرؤوسيه.
ثانيا : أنواع الوزراء              
ضمت مختلف الحكومات المغربية فئات متنوعة من الوزراء تتدرج في الأهمية والدرجة والاختصاص، وهي كالتالي ( فضلا عن الوزير العادي): أ- وزير الدولة : Ministre d
' Etat يأتي وزير الدولة في مرتبة أسمى من الوزير العادي، إلا أنه يتمتع بنفس اختصاصات الوزير ، وعادة ما يتمتع بصفة وزير الدولة بعض الشخصيات ذات المكانة أو الوضعية المتميزة في الدولة أو لدى جلالة الملك شخصيا ، مثل رئيس حزب أو وزير أول سابق أو مستشار سابق لجلالة الملك ... الخ.
ب - وزير بدون وزارة : Ministre sans portefeuille
وهو وزير لا تسند إليه أية وزارة ولا يوجد على رأس وزارة معينة، ولكنه قد يكلف بمهمة محددة وعادة يكون انضمام هذا النوع من الوزراء إلى التشكيل الوزاري بغرض توسيع الحكومة حتى يتم تمثيل الاتجاهات والتجمعات المختلفة ، أو من أجل الاستفادة من خبرتهم ونفوذهم السياسي والمعنوي .
ويتمتع الوزير بدون وزارة بنفس اختصاصات الوزير إذ يعتبر عضوا في الحكومة ويحضر كافة اجتماعات المجالس الوزارية والمجالس الحكومية، ويشارك في مداولاتها بالرأي والتصويت .
كما يكون له حق التحدث باسم الحكومة ، وبالتالي يشترك في تحمل مسؤوليات أعمال الحكومة وتصرفاتها .
ج - الوزير المنتدب : Ministre Délégué
يعتبر الوزير المنتدب عضوا في الحكومة ، وهو من الناحية العملية يأتي في مرتبة بين الوزير وكاتب الدولة، وعادة ما يكون الوزير المنتدب شخصا مهما  إما لأنه كان وزيرا سابقا أو نظرا لمكانته السياسية داخل الحزب الذي يشارك في الائتلاف الحكومي . د – كاتب الدولة : Secretaire d
' Etat يعتبر كتاب الدولة أعضاء في الحكومة حسب ما جاء به الفصل 87 من دستور 2011 ، إذ يدرجون في قائمة أعضاء الحكومة، إلا أنه رغم مظاهر التقارب بين الوزير وكاتب الدولة فإن هذا الأخير يأتي في درجة تالية بعد الوزير .
وقد يتبع كاتب الدولة رئيس الحكومة أو الوزراء ويمارس اختصاصاته بتفويض منهم أو تحت سلطتهم ؛ ولقد صدر ظهير 13 دجنبر 21980 ليوضح العلاقة بين الوزير وكاتب الدولة وليحدد اختصاصات هذا الأخير، وليحث الوزراء على تفويض إمضائهم أو بعض اختصاصاتهم إلى كتاب الدولة التابعين لهم .
وهذا ما أكده الفصل 93 من الدستور الحالي في فقرته الثالثة، حيث نص على أنه:
يمكن للوزراء أن يفوضوا جزءا من اختصاصاتهم لكتاب الدولة"
وعموما يؤازر كاتب الدولة الوزير التابع له وهو يمارس ما يسند إليه من مهام واختصاصات تحت سلطة ومسؤولية الوزير .


المطلب الثالث : المصالح اللاممركزة للدولة


لا تكتفي الإدارة المركزية بالقيام بأنشطتها في العاصمة فقط عن طريق مختلف الوزارات، بل تستعين لممارسة اختصاصاتها وأنشطتها بمصالح الاممركزة على المستوى الجهوي والإقليمي، والتي كانت تعرف سابقا بالمصالح الخارجية للإدارة المركزية .
يعتبر اللاتمركز الإداري لمصالح الدولة تنظيميا إداريا مواكبا للتنظيم الترابي اللامركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة، و وهو أداة رئيسية لتفعيل السياسة العامة للدولة على المستوى الترابي ( المادة 3 من مرسوم بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري) .
من أسس اللاتمركز الإداري نقل السلط والوسائل وتخويل الاعتمادات لفائدة المصالح اللاممركزة على المستوى الترابي، من أجل تمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها، واتخاذ المبادرة تحقيقا للفعالية والنجاعة.
ولقد تضمن المرسوم بمثابة الميثاق الوطني للاتمركز الإداري - طبقا للمادة الأولى منه- تحديد:
- أهداف ومبادئ اللاتمركز الإداري؛ - القواعد العامة للتنظيم الإداري للمصالح اللاممركزة للدولة؛ - قواعد توزيع الاختصاص بين الإدارات المركزية والمصالح اللاممركزة؛ - القواعد المنظمة للعلاقات بين المصالح اللاممركزة من جهة وبين ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم من جهة أخرى؛ - مبادئ وقواعد علاقة المصالح اللاممركزة للدولة على مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو الإقليم بالهيئات والمؤسسات التالية :
و الجماعات الترابية ومجموعاتها و هيأتها؛ / المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري آخر من أشخاص القانون العام؛ / المقاولات العمومية وكل هيأة من الهيآت المكلفة بتدبير مرفق عمومي لا يسري مرسوم اللاتمركز الإداري على بعض القطاعات الوزارية كتلك المكلفة بالعدل وبالأوقاف والشؤون الإسلامية وبإدارة الدفاع الوطني والإدارات المكلفة بالأمن الداخلي والقطاعات الوزارية التي لا تتوفر على مصالح الاممركزة. ( المادة 46 مرسوم اللاتمركز الإداري)
وتتألف المصالح اللاممركزة للدولة (طبقا للمادة 9 من مرسوم اللاتمركز الإداري) على مستوى الجهة أو على مستوى العمالة أو الإقليم من :
1 - تمثيليات إدارية مشتركة بين قطاعين وزاريين أو أكثر متناسقة
ومتكاملة الأهداف؛ 2 تمثيليات إدارية قطاعية اعتبارا لحجم وتنوع المهام المنوطة بها؛ - عند الاقتضاء يمكن إحداث بنيات إدارية للإشراف وإنجاز مشاريع ومهام مؤقتة وإنهاء مهامها طبقا لمقتضيات المادة 8 من مرسوم رقم
2 . 05 . 1369 المتعلق بتحديد قواعد تنظيم القطاعات الوزارية واللاتمركز الإداري،

الفرع الأول : توزيع الاختصاص بين الإدارة المركزية والمصالح اللاممركزة للدولة


- طبقا للمادة 14 من المرسوم، تقوم الإدارات المركزية بالمهام التي تكتسي
طابعا وطنيا أو التي يتعذر إنجازها من قبل المصالح اللاممركزة. - في حين تتولى المصالح اللاممركزة للدولة على المستوى الجهوي المهام التالية ( طبقا للفقرة الأولى من المادة 15 من مرسوم اللاتمركز الإداري):
و السهر على تدبير المرافق العمومية الجهوية التابعة للدولة؛ ، تنفيذ السياسات العمومية ؛
/ الإسهام في إعداد وتنفيذ البرامج والمشاريع العمومية المبرمجة على صعيد الجهة؛ - كما تتولى تأطير وتوجيه عمل المصالح اللاممركزة الإقليمية التابعة لها، وضمان حسن سيرها، ومراقبة أنشطتها (المادة 8 من المرسوم) | - أما المصالح اللاممركزة للدولة على المستوى الإقليمي فتضطلع وفق مقتضيات المادة 16 من المرسوم بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري بالمهام التالية :
و ممارسة الاختصاصات التي تتعلق بالأنشطة والخدمات التي تقدمها المرافق العمومية المكلفة بتدبيرها؛ ۷ تنفيذ التوجهات والقرارات الصادرة عن السلطة الحكومية التابعة لها (التي يتم تبليغها عن طريق رؤساء التمثيليات الإدارية الجهوية)؛ ، إنجاز البرامج والمشاريع المبرمجة على صعيد العمالة أو الإقليم في نطاق الاختصاصات الموكولة إليها.
ويجب على السلطات الحكومية اتخاذ التدابير الضرورية لتمكين المصالح اللاممركزة التابعة لها من اتخاذ المبادرة لتفعيل السياسات القطاعية المكلفة بتنفيذها وابتداع الحلول لجودة الخدمات العمومية المقدمة للمرتفقين.. إلخ. ( طبقا للفقرة الأولى من المادة 18 من المرسوم )
كما أنه، وطبقا لمقتضيات المادة 19 من نفس المرسوم فإن رؤساء المصالح اللاممركزة للدولة والعاملون تحت إمرتهم يمارسون مهامهم بكامل المسؤولية وتحت إشراف والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم، وتحت سلطة الوزراء المعنيين.

الفرع الثاني :علاقة المصالح اللاممركزة للدولة بولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم


تتمثل العلاقة بين المصالح اللاممركزة بولاة الجهات وكذا عمال العمالات والأقاليم ( طبقا لما تضمنته الفقرة الأخيرة من الفصل 145 من الدستور وأيضا المادة 26 من مرسوم اللاتمركز الإداري)، في أن يقوم ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم تحت سلطة الوزراء المعنيين بما يلي :
7 تنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة والسهر على حسن سيرها؛ / الإشراف على تحضير البرامج والمشاريع المقررة من قبل السلطات
العمومية أو تلك التي كانت موضوع اتفاقيات أو عقود مع هيئات أخرى،
وضمان انسجامها وتناسقها؛ به اتخاذ جميع التدابير اللازمة حتى تقوم المصالح اللاممركزة للدولة بتنفيذ
المهام والالتزامات الملقاة على عاتقها وإنجاز البرامج والمشاريع المذكورة؛ ، كما يسهر الولاة والعمال - بصفتهم ممثلين للسلطة المركزية - على اتخاذ
جميع التدابير المناسبة والضرورية لضمان مواكبة المصالح اللاممركزة للدولة للجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها في إنجاز برامجها ومشاريعها التنموية.

الفرع الثالث : علاقة المصالح اللاممركزة للدولة بالجماعات الترابية وهيئاتها والهيئات والمؤسسات الأخرى ذات الاختصاص الترابي


من أجل مواكبة التنظيم التربي اللامركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة، نصت المادة 36 من مرسوم المركز الإداري على تولي المصالح اللاممركزة للدولة، تحت سلطة السلطات الحكومية المعنية، وإشراف والي الجهة وعامل العمالة أو الإقليم ممارسة المهام التالية :
» تقديم الدعم والمساعدة لفائدة الجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات والمقاولات العمومية ذات الاختصاص الترابي وكل هيأة من الهيئات المكلفة بتدبير مرفق عمومي؛ و إرساء أسس شراكة فاعلة مع الجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات والمقاولات العمومية ذات الاختصاص الترابي في مختلف المجالات لاسيما عن طريق إبرام اتفاقيات أو عقود باسم الدولة، بناء على تفويض خاص؛ / المساهمة في تنمية قدرات الجماعات الترابية وهيئاتها؛ ، مواكبة الجماعات الترابية وهيئاتها في ممارسة الاختصاصات الموكولة إليها، خصوصا في إنجاز برامجها ومشاريعها الاستثمارية مع تقديم المساعدة اللازمة لذلك. ويتعين على المصالح اللاممركزة على مستوى الجهة وأيضا على مستوى العمالة أو الإقليم التعاون والتنسيق مع المركز الجهوي للاستثمار المعني باعتباره شباكا وحيدا، وتمكينه للقيام بمهامه لاسيما تلك المهام المتعلقة بمساعدة المستثمرين من أجل الحصول على التراخيص وإنجاز مشاريعهم الاستثمارية ومواكبتها .


هل اعجبك الموضوع :
author-img
المعلوماتي : هو صاحب مدونة معلومة بين ايديك و هو شخص يحب مشاركة المعلومات التي تكون لها دور في افادة المتلقي و جعل ما يبحث عنه اقرب و بسهولة بالغة .

تعليقات

العنوان هنا