أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الدرس اللغوي : الصورة الشعرية , مكوناتها و وظائفها , الثانية باكالوريا

الدرس اللغوي : الصورة الشعرية , مكوناتها و وظائفها
الدرس اللغوي : الصورة الشعرية , مكوناتها و وظائفها , الثانية باكالوريا

 


 


                  الدرس اللغوي : الصورة الشعرية , مكوناتها و وظائفها




السلام عليكم أعزائي التلاميذ في درس جديد من الدروس اللغوية و هو درس الصورة الشعرية في اللغة العربية , فما مكوناتها و ما وظائفها ؟

تعريف الصورة الشعرية 

عندما نتحدث عن الصورة الشعرية فنحن نتحدث عن تركيب مجازي بمعنى أنه كلام غير حقيقي حيث يعتمده الشعراء والمبدعون بصفة عامة و ذلك بأن يقيموا علاقات جديدة وغير مألوفة بين الكلمات مما تنتج عنه دلالات ومعاني جديدة تعبر عن تجاربهم الشعرية، فاصورة الشعرية عندها وسائل تقليدية كالتشبيه والاستعارة و الكناية و المجاز و هناك وسائل جديدة جائت مع الشعر الحديث كالرمز و الأسطورة و الإنزياح .
فعندما يطلب منا أن ندرس الصورة الشعرية في قصيدة ما فمعنى ذلك أن ندرس العناصر المكونة لها , أي نبحث في العلاقة بين المعنى الحقيقي و المعنى المجازي و نرى ما إذا كانت العلاقة هي علاقة مشابهة و بالتالي سنتحدث هنا عن التشبيه و عن الإستعارة أو أن هذه العلاقة بين المعنى الحقيقي و المعنى المجازي هي علاقة مجاورة و بالتالي فنحن أمام الكناية أو المجاز المرسل .
سنحاول أن نشرح هاته الوسائل الأربعة من تشبيه و إستعارة و كناية و مجاز مرسل لبناء الصورة الشعرية  على الشكل الآتي :

التشبيه : هو أن يشترك شيئان في صفة أو في صفات معينة , فهناك شرط أساسي في التشبيه هو أن يذكر طرفا التشبيه و هما المشبه و المشبه به .
مثال : رجل أسد و ثوب أبيض كالثلج و خد كالورد .
 فلا حديث عن التشبيه بدون أن يكون عندي المشبه رجل و المشبه به أسد فالرجل إذا هو المشبه و الأسد هو المشبه به فلابد أن هناك صفة مشتركة بين الرجل و الأسد و هي صفة الشجاعة في هاته الحالة و يمكن أن أضيف الأداة فأقول رجل كالأسد و يمكن أن أضع وجه الشبه فأقول رجل أسد شجاعة و يمكن أن أحذف وجه الشبه على إعتبار أنه معروف .


لنلاحظ أيضا قول الشاعر في هذا البيت الشعري :

 هو بحر السماح و الجود فازداد       منه قربا تزدد من الفقر بعدا

لدينا هنا في هذا البيت الشعري ما يلي :
 المشبه = هو
و يمكن نستخدم الأداة = مثل/ك , فنقول هو مثل البحر
المشبه به = البحر
فهو و البحر يشتركان في صفة أو صفات و هي هنا السماح و الجود و المشبه و المشبه به هما طرفا التشبيه و لا حديث عن التشبيه بدون وجود المشبه و المشبه به فهما ركناه الأساسيان  و بدونهما لا يكون التشبيه .

لنلاحظ قول الشاعر :

 أنت نجم في رفعة وضياء        تجتليك العيون شرقا وغربا

أنت = مشبه 
نجم = مشبه به 
إذا فطرفا التشبيه مذكوران في هذا البيت الشعري أما وجه الشبه بينهما فهو الرفعة و الضياء فإذا الصورة الشعرية هي تشبيه .

الإستعارة : الإستعارة تدخل في المجاز اللغوي أيضا علاقتها المشابهة مثلها مثل التشبيه لكن الفرق بين الإستعارة و التشبيه هي أن الإستعارة تشبيه حذف أحد طرفيه أي لا نجد المشبه و لا نجد المشبه به و لكن لا بد أن نجد قرينة لفظية ككلمة أو لفظة في الجملة أو حتى سياق معين يمنعنا من أن نفهم المعنى كيف ذلك ؟ 
مثلا إذا قلنا : زأر الرجل فأنا شبهت الرجل بالأسد بالرغم من أنه لم يتم ذكر الأسد الذي هو المشبه به و هو الطرف الثاني المحذوف و عندما حذفته قد أتيت بلازم من لوازم الأسد و الذي هو الزئير لأن الحيوان الوحيد الذي يزأر هو الأسد و بالتالي فعنما تقول زأر الرجل فأنت قمت بتشبيه الرجل بالأسد .
و لنفهم أكثر من خلال هذا المثال كقولنا : إبتسم الأسد حيث جئنا بالأسد و شبهناه بالإنسان لأن الذي يبتسم هو الإنسان و بالتالي أنت لم تذكر المشبه به و الذي هو الإنسان بل إكتفيت بلازم من لوازمه و هو الإبتسامة .

و إذا تأملنا في قول الله عز و جل :
كتاب أنزلناه إليك لتخرج من الظلمات إلى النور .
فالظلمات هنا ليست ظلمات حقيقية و النور ليس إضاءة حقيقية و إنما المقصود بالظلمات هنا الظلال و المقصود بالنور الهدى و الإيمان , إذا فنحن هنا لا نستطيع أن نفهم المعنى الحقيقي و إنما هناك سياق معين هو الذي جعلنا أن نفهم بأن المقصود بالظلمات هو الظلال و شبهنا النور بالهدى و الإيمان و لكن حذفنا المشبه به في كلتا الحالتين مما يجعلنا نتحدث عن الإستعارة و ليس عن التشبيه .
أيضا  لنأخد مثالا في هذا البيت الشعري : 
قال الشاعر دعبل الخزاعي: لا تعجبي يا سلم من رجل      ضحك «المشيب» برأسه فبکی

 فالمجاز هنا في كلمة «المشيب» حيث شبه بإنسان على تخيل أن المشيب قد تمثل في صورة إنسان، ثم حذف المشبه به «الإنسان» ورمز له بشيء من لوازمه هو «ضحك» الذي هو القرينة .

أيضا في مثال آخر:
 قال أبو خراش الهذلي : وإذا المنية أنشبت أظفارها     أبصرت كل تميمة لا تنفع

في هذا البيت شبهت «المنية» بحيوان مفترس بجامع إزهاق روح من يقع عليه كلاهما، ثم حذف المشبه به «الحيوان المفترس» ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو «أنشبت أظفارها»، والقرينة لفظية وهي إثبات الأظفار للمنية. والاستعارة هنا «مكنية» لأن المشبه به قد حذف ورمز إليه بشيء من لوازمه .

الكناية : الكناية لغة هي مصدر من فعل کنیت بکذا عن كذا إذا تركت التصريح به أي أنك لا تصرح بالكلام ، و اصطلاحا هي لفظ أطلق وأريد به لازم معناه، مع جواز إرادة ذلك المعنى الحقيقي لعدم وجود قرينة مانعة من ذلك.

فمثلا في قول الشاعرة الخنساء و هي تتحدث عن أخيها صخر تقول :

طويل النجاد رفيع العماد     كثير الرماد إذا ما شتا 

عندما نقول كثير الرماد أي فعلا إذا دخلت إلى خيمة صخر فإنك ستجد رمادا كثيرا فالمعنى الحقيقي جائز لكن الشاعرة لا تقصد هذا المعنى و إنما تقصد بأن أخيها صخر كان رجلا كريما لأنه لايمكن أن يكون كريما إذا لم يشعل النار في خيمته عدة مرات و يتبقى منها رماد كثير .

و لشرح أكثر حول الكناية نتأمل في قو الله عز و جل :

''ما المسيح إبن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل و أمه صديقة كانا يأكلان الطعام'' 

 فيأكلان الطعام = هي كناية على كونهما من البشر و ليس من الملائكة .


المجاز المرسل : فهو لفظ استعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة أي لا يكون كالتشبيه و لا كالإستعارة , و يجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي الحقيقي .
فالفرق بين المجاز المرسل و الكناية هو أن المعنى الحقيقي في الكناية جائز و ممكن و يمكن أن نفهمه و هو صحيح , لكن المعنى الحقيقي في المجاز المرسل لا يمكن أن يكون في الواقع .

فعندما نقول مثلا :

'' قبضنا على عين من عيون الأعداء ''

فالعين هنا المقصود بها هي الجاسوس فأولا العلاقة بين العين المعنى الحقيقي و الجاسوس المعنى المقصود أو المعنى المجازي ليست هي المشابهة , فلا نستطيع أن نقول بأن العين تشبه الجاسوس أو الجاسوس يشبه العين و ثانيا المعنى الحقيقي العين لا يمكن أن يكون صحيحا كما في الكناية فنحن لم نقبض على عين و إنما قبضنا على جاسوس و هذا يعطينا مجموعة من العلاقات الأخرى غير المشابهة .
و للمجاز المرسل كثير من العلاقات منها :
السببية: وهي تسمية الشيء باسم سببه فعندما تقول «رعت الماشية غيثا» فالماشية لا ترعى الغيث و إنما ترعى الكلأ و العلاقة بين المعنى المجازي غيثا و المعنى الحقيقي المقصود الكلأ هي علاقة سببية فالغيث هو سبب في وجود الكلأ .
المسببية: وهي تسمية الشيء باسم ما تسبب عنه فعندما نقرأ الآية الكريمة « يُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا » أي ينزل لكم من السماء غيثا يكون سببا في الرزق فالرزق هو مسبب الغيث .
الجزئية: عندما نعبر بالجزء ونريد الكل « فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ » فندما تقول رقبة فإنك لا تقصد فقط الرقبة أو العنق و إنما تقصد صاحبها و العلاقة بين الرقبة و صاحبها أنها جزء من الكل .
المحلية: عندما نعبر بلفظ المحل ونريد الموجود فيه «سألت الدار» حيث هنا تسأل من يسكن الدار و لا تسأل الجدران .
الحالية: عندما نعبر بلفظ الحال ونريد المكان نفسه  « إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ »  أي الجنة فالنعيم حال بالجنة .
اعتبار ما كان : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للماضي في الحال كما في الآية الكريمة  « وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ » أي أعطوا الذين كانوا يتامى  .

و عموما فالعلاقة بين المعنى الحقيقي و المعنى المجازي في المجاز المرسل لا تكون مشابهة و لا يكون المعنى الأول صحيحا و إنما المعنى المجازي هو المقصود .

أنواع الصورة الشعرية

 فالصورة الشعريّة تأتي على ثلاثة أنواع و هي كالآتي :

§         الصورة الشعريّة المفردة: حيث يكتفي الشاعر فيها بتصوير التشابه الظاهر والحقيقي بين الأشياء، ولا يستخدم المعنى النفسي.

§         الصورة الشعريّة المركبة: يجمع فيها بين ما تراه عينه، وما تشعر به نفسه وعاطفته.

§         الصورة الشعريّة الكليّة: تكتمل في هذه الصورة المعاني التجسيديّة، والنفسيّة، والتعبيريّة للتعبير عن التجربة. عناصر الصورة الشعريّة.


وظائف الصورة الشعرية :

نصل الآن إلى وظائف الصورة الشعرية التي نستخدمها مع التجارب الشعرية الثلاثة :

تجربة إحياء النموذج : حيث تستخدم الصورة الشعرية في هذه التجربة الشعرية بوظيفة  بيانية تزيينية جمالية أي أن الشاعر يأتي بها لكي يزين النص و لكن كذلك لكي يبين الأفكار و المعاني التي يقصدها .
تجربة سؤال الذات : يتم إستعمال الصورة الشعرية عند الشعراء الرومانسيين أو تجربة سؤال الذات كوظيفة تعبيرية انفعالية مرتبطة بموضوع تعبير الشاعر عن ذاته .
تجربة تكسير البنية و تجديد الرؤيا : حيث أن وظيفة الصورة الشعرية عند الشعراء في هذه التجربة هي تعبيرية إيحائية أي أنها توحي لنا بمجموعة من المعلومات و مجموعة من الأفكار و مجموعة من الصور مما يغني المضامين و الأفكار في القصيدة .

وظائف الإيقاع : 


حيث سنشرحها وفق التجارب الشعرية الثلاثة :

تجربة إحياء النموذج : يؤدي الإيقاع في هاته التجربة الشعرية وظيفة جمالية و تأثيرية نلاحظ بأن هاته الوظيفة الجمالية التي كانت موجودة في الصورة الشعرية كذلك تحظر في البنية الإيقاعية مع العلم أن هذا الإيقاع كذلك يؤدي وظيفة تأثيرية أي أنه يؤثر على المتلقي لجمالية هذا الإيقاع .
تجربة سؤال الذات : حيث في هذه التجربة الشعرية نجد على أن الإيقاع يؤدي وظيفة الكشف عن الحالة النفسية للشاعر أي هناك علاقة وطيدة بين إختيار الشاعر هذا الإيقاع و بين الحالة النفسية للشاعر .
تجربة تكسير البنية و تجديد الرؤيا : يؤدي الإيقاع في هاته التجربة الشعرية وظيفة التناغم مع أحاسيس الشاعر و دفقته الشعورية أي أن ما يحس به الشاعر و يريد أن يعبر عنه من قضايا و رؤيا شعرية و كذلك دفقته الشعورية و الفكرية التي جعلته يختار ذلك الإيقاع إذا فوضيفة الإيقاع هي مرتبطة بأحاسيسه و دفقته الشعورية .

وظائف الأساليب :

حيث سنشرحها وفق التجارب الشعرية الثلاثة :


تجربة إحياء النموذج : بالنسبة لوظيفة الأساليب فكل الشعراء يعتمدون هاته الأساليب المختلفة الخبرية و الإنشائية لكي يفصحوا عما يعبرون عنه من قضايا فالإفصاح بمعنى التعبير محاولة إظهار مايشعروا به أو ما يحسوا به أو يفكروا فيه بطريقة صحيحة و ذلك كيفما كان الموضوع الذي يكتب فيه الشاعر أو كيفما كان الغرض .
تجربة سؤال الذات : التعبير عن حالة الشاعر و الإفصاح عن معاناته .
تجربة تكسير البنية و تجديد الرؤيا : التعبير و الإفصاح عما يفكر فيه الشاعر .

 


تعليقات