ماهي الشخصية القانونية للمنظمة الدولية
وتبرز أهمية منح الشخصية القانونية للمنظمة الدولية ، من كونها تحدد الوضع القانوني الذي تتمتع به المنظمة الدولية على الصعيد الدولي ، كما أنها هي التي تسمح بالمحافظة على وحدة المنظمة خصوصا قبل الغير ، إضافة إلى أن الاعتراف للمنظمة بالشخصية القانونية يعني الاعتراف لها بذاتية قانونية خاصة تجعلها قادرة على أن تقيم لحسابها الخاص اعلاقات مع غيرها من أشخاص القانون الدولي ، وفي ذات الوقت تجعلها ( المنظمة ) كائنا منفصلا عن الأعضاء .
وكان من المتفق عليه في فقه القانون الدولي التقليدي ، أن وصف الشخصية القانونية الدولية لا يثبت إلا للدول ، فالدول وحدها هي أشخاص القانون الدولي التي يكون لها اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات والقيام بالتصرفات القانونية واللجوء إلى القضاء إلا أن هذا المفهوم بدا يهتز بفعل ظهور المنظمات الدولية بصورتها الأول بروسبير فيدوني ( prospero Fedozi ) في سنة 1897 بضرورة تمتع الاتحاد بالشخصية القانونية ، وفي سنة 1914 نادي جيدو فيز بنائو ( Guido Fustnato ) با معهد الزراعة الدولي شخصا من أشخاص القانون الدولي .
كما نادى بعض الفقهاء باعتبار لجنة التعويضات المنشئة في أعقاب الحرب العالمية الأولى ولجنة المضايق التركية المنشاة بمقتضى معاهدة لوزان سنة 1932 ، واللجنة الأوروبية للدانوب من قبيل اشخاص القانون الدولي . على أن منح الشخصية القانونية للمنظمات الدولية ليس غاية في ذاتها بل وسيلة التمكينها من الدخول في علاقات مع غيرها من الكيانات القانونية الأخرى وبذلك يمكنها المساهمة في الحياة القانونية الدولية . والجدير بالذكر أن الجدل بشأن هذا الموضوع لم يشتد إلا مع إنشاء عصبة الأمم ، حيث لم يشر عهد العصبة إلى تمتع أو عدم تمتع العصبة بالشخصية القانونية ، ومع ذلك نصت المادة الأولى من اتفاقية المقر التي عقدت بين العصبة وسويسرا سنة 1926 على أنه ( العصبة التي تتمتع بالشخصية الدولية والأهلية القانونية لا يمكن - كقاعدة وطبقا الأحكام القانون الدولي - أن تخاصم أمام المحكمة السويسرية دون موافقتها الصريحة . وتجدد هذا الخلاف والنقاش مرة أخرى في مناقشات وضع ميثاق الأمم المتحدة ؛ وللتوفيق بين الاتجاهين المتعارضين ، نصت المادة ( 140 ) من ميثاق الأمم المتحدة على أنه تمتع الهيئة في بلاد كل عضو من أعضائها بالأهلية القانونية التي يتطلبها قيامها باعباء وظيفتها وتحقيق مقاصدها ) . . والواقع أن هذا النص وصياغته لم يحسم الخلاف الفقهي بشان تمنع المند بالشخصية القانونية بصورة نهائية ، بل وآثار جدل من نوع آخر ، مفاده هل تتمتع الدولية بالشخصية يسري في دائرة القوانين الوطنية وحدها أم يمتد إلى نطاق القانون وعمليا لم يحسم الخلاف حول هذا الموضوع إلا بالرأي الاستشاري الت اصدرته محكمة العدل الدولية سنة 1949 والذي اعترفت فيه بالشخصية المتحدة ، مؤكدة أن الدول ليست وحدها أشخاصا للقانون الدولي العام ، وال - إلا بالرأي الاستشاري الشهير الذي زفت فيه بالشخصية القانونية للامم ولي العام ، والى الهيئات الدولية الى أنشئت نتيجة للظروف الدولية يمكن اعتبارها أشخاصا قانونية من طبيعة خاصية متميزة عن طبيعة الدول ، تتمتع بأهلية قانونية خاصة تتناسب في اتساع مجالها أو ضيقه مع الأهداف التي أنشأت من أجل تحقيقها .
المنظمات الدولية تشكل المنظمات الدولية أحد أشخاص القانون الدولي العام الفاعلة في العلاقات الدولية والمؤثرة بشكل كبير بجانب الدول بحكم الاختصاصات التي أصبحت تمارسها في جمير المجالات ، وعليه سيتم في مطلبين ، تعريف المنظمة وشخصيتها القانونية
تعريف المنظمة الدولية وشخصيتها القانونية .
في المطلب سيتم تعريف المنظمة الدولية في فرع أول ، ثم شخصيتها القانونية في فرع الفرع الأول : تعريف المنظمة الدولية وعناصرها . ظهر اصطلاح التنظيم الدولي ، أول مرة في فقه القانون الدولي سنة 1908 ، وفي ترجمة المقال كتب باللغة الألمانية ونشرت ترجمته الفرنسية في المجلة العامة للقانون الدولي ، ثم ذاع استعماله من قبل فقهاء القانون الدولي الألمان . 234 والواقع أن تعريف المنظمة الدولية ببقى أمرا صعبا ، وذلك لحداثة عيد هذه الظاهرة وتعدد أنواعها ووظائفها ، هذا إضافة إلى الخلط المتوقع بين هذا المصطلح ، وبين غيره من المصطلحات التي تقترب معه وتتصل به . وقبل الخوض في تعريف المنظمة الدولية ، لا بد من التمييز بين هذا المصطلح والمصطلحات التي تقترب منه / النظم الدولية . / التنظيم الدولي . / المنظمة الدولية .
فالنظم الدولية ، تعني مجموعة القواعد الربط بإطار موضوعي محدد ، مثل نظم الملكية في القان ل الدبلوماسي والقنصلي في القانون الدولي العام ، اره عن والقواعد الأساسية التي تتميز الجماعة علاقات ورايط ، ومن ثم تشمل المنظر : مجموعة القواعد القانونية المنظمة لموضوع رئيسي معين أو مثل نظم الملكية في القانون الداخلي أو نظم الحياد ار القانون الدولي العام ، أو هي كافة التنظيمات والتقاليد ة التي تتميز الجماعة الدولية وتقوم الجماعة بإتباعها في تنظيم ما ينشا من ومن ثم تشمل المنظمات الدولية والعلاقات الدبلوماسية والمؤتمرات والحرب .
التنظيم الدولي ، فيقصد به الإطار الذي تشكل داخله الجماعة الدولية وبالتالى يمكن أن تبين ما به من أوجه النقص .
التنظيم الدولي بهذا المعنى يشمل كل مظهر للعلاقات الدولية ، مثل العلاقات الدبلوماسية والقنصيلة وابرام المعاهدات وعقد المؤتمرات الدولية وغير ذلك من الأنظمة القانونية الأخرى . وتعرف المنظمة الدولية : بأنها ذلك الكيان الدائم الذي تقوم الدول بإنشائه من أجل تحقيق أهداف مشتركة يلزم لبلوغها منح هذا الكيان إرادة ذاتية مستقلة ، أو هي وحدة قانونية تشنها الدول لتحقيق غايات معينة وتكون لها إرادة مستقلة يتم التعبير عنها عبر أجهزة اخاصة بالمنظمة . كما تعرف بأنها كائن قانوني دولي يتمتع بإرادة ذاتية يمارسها من خلال أجهزة أو فروع تابعة له ويهدف إلى رعاية بعض المصالح المشتركة أو تحقيق أهداف معينة على الصعيد الدولي . ونعرف المنظمة بأنها ( كيان قانوني دولي مستمر نشئه مجموعة من الدول ، يجمع بينها مصالح مشتركة تسعى إلى تحقيقها ، ويتمتع هذا الكيان بإرادة ذاتية مستقلة يتم التعبير عنها بأجهزة خاصة ينشئها ميثاق المنظمة ) . ومن استعراض التعاريف السابقة للمنظمة الدولية ، يتبين لنا ، أن لهذا الكيان عدة عناصر هي :
من قبل كيانات تتمتع بوصف الدولة
الفقرة الأولى : الصفة الدولية
ويقصد بهذا العنصر ، أن يتم تأسيس المنظمة من قبل كيانات تمت كاملة السيادة ، وتقوم حكومة كل دولة باختيار من يمثلها في المنظمة . المنظمة بهذا الوصف ، هي المنظمة الدولية الحكومية ، وبالتالي بخره من المنظمات التي يتم تأسيسها باتفاق الأفراد والهيئات والجماعات الخاصة د على هذه الكيانات ، المنظمات غير الحكومية ، كمنظمة العفو الدولية ، وحما الانسان ومنظمة أطباء بلا حدود واتحاد المحامين العرب والاتحاد البرلماني الدولي وجمه الصليب والهلال الأحمر .
الفقرة الثانية : الإرادة الذاتية ( الشخصية القانونية الدولية )
والعنصر المميز الأخر للمنظمة الدولية ، هو تمتعها بإرادة الذائية مستقلة عن إرادة الدول الأعضاء ، تلك الإرادة التي تمكن المنظمة من اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات . وتم الاعتراف للمنظمة بالإرادة الذاتية أو الشخصية القانونية أول مرة في الراي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في 11 أبريل 1949 بشأن التعويضات عن الأضرار التي تلحق بموظفي الأمم المتحدة . وعنصر الإرادة الذاتية ، هو ما يميز المنظمة الدولية عن المؤتمر الدولي ، إذ لا يتمتع الأخير بإرادة ذاتية مستقلة عن إرادة الدول المشتركة فيه ، وبالتالي فإن قرارات المؤتمر لا تلزم إلا الدول التي وافقت عليها ، في حين تلزم القرارات الصادرة بالأغلبية كافة الدول الأعضاء في المنظمة إلا إذا اشترط الميثاق صدور القرار بالإجماع .
ويترتب على تمتع المنظمة الدولية بالإرادة الذاتية عدة نتائج
1 _ تتسب الأعمال القانونية الصادرة عن المنظمة إليها لا إلى الدول الأعضاء فيها .
2 تمتع المنظمة بذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للدول الأعضاء فيها ، من هنا قد تكون المنظمة دائنة ومدينة للدول الأعضاء فيها أو للغير .
وبالتالي قد تكون المنظمة مدعية أو مدعى يا فالمنظمة الدولية مثلا تحمل المسؤولية عن أعمالها غير المشروعة ، وبصفة عامة من الأعمال التي تستوجب المسؤولية طبقا لأحكام القانون الدولي . و أحلية المنظمة الدولية لإبرام الاتفاقيات الدولية ، والمشاركة في إنشاء قواعد القانون الأولى عن طريق العرف او من خلال ما تصدره من قرارات ذات طابع تشريعي . د للمنظمة التعاقد مع من تحتاج إليهم من العاملين ، ولها تنظيم مراكزهم القانونية ، لا بد من الإشارة إلى أن هناك جانب من الفقه يشكك في ضرورة تمنع المنظمة الدولية بالإرادة الذاتية ، على أساس أنه في الحالة التي يشترط فيها الإجماع لصدور القرارات من المنظمة تكون الإرادة المنسوبة لها عبارة عن مجموعة إرادات الدول الأعضاء ، وهذا ما يقرب المنظمة الدولية من المؤتمر الدولي ، إن هذا الراي صحيح ، لو كانت إرادة المنظمة عبارة عن مجموع إرادات الدول الأعضاء فيها ، ولكن إرادة المنظمة ، هي إرادة مستقلة عن إرادة الدول الأعضاء فيها بدليل أن غالبية مواثيق المنظمات الدولية تكتفي بالأغلبية لصدور القرار عنها ولا تشترط الإجماع إلا استثاء ، ويحصل أن يصدر في الجلسة الواحدة للمنظمة قرارين ، يشترط الميثاق في احدهما الأغلبية وفي الآخر الإجماع ، وأمام هذا الاحتمال يثار التساؤل هل من المقبول أن تمتلك المنظمة الإرادة المستقلة ثم تفقدها في ذات الجلسة ؟ هذه من أهم أسباب فشل عصية الأمم بسبب إشتراط ميثاقها على الإجماع ، بالإضافة إلى أن إرادة المنظمة بعد تكوينها الصرف إلى عمل معين في حين تتصرف إرادة الدول المشتركة في التصويت إلى مجرد واقعة التصويت ذاتها .
القفرة الثالثة : الاستمرار والديمومة
امن خصائص المنظمة الدولية ، الاستمرار والديمومة فالمنظمة تنشا اصلا من التقاء بردة مجموعة من الدول لتحقيق غايات مشتركة مستمرة ، من هنا كان لا بد من استمرار المنظمة وأجهزتها .
لا نهاية بل يعني أن يكون انت المؤتمرات الدولية تشبه في طريقة الاستمرار المادي بجميع أجهزة المنظمة ، بل أن تكون هن وصفة الدوام لا تقلزم الاستمرار المادي بجميع أجهزة المن الأجهزة في حالة تسمح لها بالالتام منى دعت الضرورة لذلك . عنصر الاستمرار لا يعني أن تظل المنظمة قائمة إلى ما لا نهاية بل بعنا جودها عرضا كما في المؤتمرات الدولية ، فإذا كانت المؤتمرات الدولية شه اما اجينة المنظمة الدولية من حيث الإجراءات المتعة او عملية اتخاذ القرارات الا يختلفان من حيث أن المؤتمر الدولي ينعقد لبحث مسألة معينة ينقض بعدها بفه عن النتيجة التي يتوصل إليها ، على عكس أجهزة المنظمة التي تتسم بالدوام وتتعقد دورية محددة سلفا في الميثاق المنشأ لها .
الفقرة الرابعة : الأهداف المشتركة
بث مسألة معينة ينفض بعدها بغض النظر لكل منظمة دولية أهداف تسعى إلى تحقيقها ، فالمنظمة ليست غاية في حد ذاتها بل وسيلة لتحقيق غاية ، ويتم تحديد أهداف المنظمة عادة في ميثاقها . وقد تكون هذه الأهداف عامة شاملة ( سياسية ، اقتصادية ، ثقافية ، اجتماعية . . . . ) كما في منظمة الأمم المتحدة أو خاصة محددة على وجه الحصر كان تكون اقتصادية مثلا ، كما في منظمة التجارة العالمية ، أو ثقافية كما في منظمة اليونسكو ، أو صحية كما في منظمة الصحة العالمية ، أو اجتماعية كما في منظمة العمل الدولية .
الفقرة الخامسة : الاتفاق الدولي
الكل عمل قانوني سند يثبت وجوده ، ولا تشذ عن ذلك المنظمات الدولية ، وسند وجود المنظمة الدولية هو ميثاق إنشاؤها الذي يعبر عن التقاء إرادات الدول الأعضاء فيها بغض النظر عن التسمية التي يتخذها هذا السند ، فقد يطلق عليه عهد ( Pacte ) كما في وثيقة إنشاء عصبة الأمم ، أو ميثاق ( charte ) كما في وثيقة إنشاء الأمم المتحدة ، أو دستور ( constitution ) كما في وثيقة إنشاء منظمة الصحة العالمية . . . إلخ 239 والأصل أن الدولة ذات السيادة هي التي لها إبرام اتفاقيات إنشاء المنظمات الدولية ويرد على هذا الأصل استثناء ، إذ قد يتم إنشاء المنظمة من قبل كيانات لا ينطبق عليه
ولكن يقتصر هذا الاستثناء على إنشاء المنظمات غير الحكومية ( Les وصف الدولة ، ولكن يقت . organisations internationales on gouvernemen حيث إن سند إنشاء المنظمة هو الوثيقة التي تجتمع فيها إرادة الدول الأعضاء ، فإن بالضرورة أن لكل دولة حرية الانضمام إلى المنظمة في حدود توافر شروط الانضمام إليها ، وليس للمنظمة ولأعضائها إرغام دولة ما على الانضمام إليها دون إرادتها بغض النظر عن نوع أو طبيعة المنظمة . ولا بد من الإشارة إلى أن تعاونا يمكن أن يقوم بين المنظمات الحكومية والمنظمات غير الحكومية ، فقد اشارت المادة ( 71 ) من ميثاق الأمم المتحدة إلى أنه ( للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يجري الترتيبات المناسبة للتشاور مع الهيئات غير الحكومية التي تعني بالمسائل الداخلة في اختصاصه ) .