القائمة الرئيسية

الصفحات

تعريف السياسة الشرعية وتبيين مقاصدها

تعريف السياسة الشرعية

 السياسة الشرعية هي مفهوم يتضمن إمكانات معرفية و منهجية فهو يتميز بفعالية في المنهاج و الذي لم يقتصر على هذا الحد بل طوره في علاقة وثيقة بين الفكر و الحركة مما يبرهن على صدقية السياسة الشرعية اتجاه خصوصية المفهوم السياسي الإسلامي ، مما يجعلها متكاملة و منضبطة إبتداء و مسارا و مقصدا ، و جوهر السياسة هو الإستصلاح مثلما هو مقصدها و منتهاها .

السياسة بطبيعتها من جوهر إنساني من خلال ثلاث أمور مترابطة :   

  يعود الأمر الأول منهما إلى تأكيد إبن منكلي على أن الإنسان العاقل مجبول في نشأته على الإتيان بالسياسة فهو مجبول على دفع ما يضره قسرا وهو مجتهد في إستجلاب ما ينفعه حتما ، و الأمر الثاني هو التأكيد على أن الخير هو المناسب للسياسة لكون الإنسان أقرب للخير من الشر بأصل فطرته ، و الأمر الثالث هو أنه بعيد أن يبقى سلطان  أو تستقيم الرعية في حالة كفر أو إيمان بدون عدل قائم فالسياسة هي مفهوم عام تهدف إلى تحقيق مفهوم ما للخير العام و هو خير عام نسبي في السياسة الوضعية ، والذي هو تعبير عن مقاصد السياسة الشرعية .

  فيمكننا القول على أن قيام كل سياسة على منطق العدالة إنما يرتبط في السياسة المدنية بالعدالة النسبية أو بما يشبه العدل ، فإرتباط السياسة بالعدل يجعلها قواعد و تطبيقات منضبطة و مستقرة و ثابتة إبتداء و مسارا و مقصدا .

  فالسياسة الشرعية و إن كانت لا تتقيد إلا بمقاصدها ، إلا أن طبيعة المقاصد في حد ذاتها تجعل منها ضابطا للسياسة ، فهي مقاصد شرعية تحددها  النصوص ، فهي على أساس المصلحة فحيثما وجدت المصلحة فتم شرع الله و دينه ، و من مقاصد التشريع السياسي الإسلامي تحقيقها عملا .

وبهذا نصل بالتحليل إلى جعل السياسة الشرعية مفهوما منضبطا  من حيث المقاصد و الغايات عبر فقه المصالح ، فلا إنفصال بين مشروعية الوسيلة و مشروعية المقصد  .

  كما أن القول بإنضباط الوسائل و الأدوات لايعني الجمود في الحركة فهي إستهداف للفاعلية الحركية و تحقيق المقصود ، و السياسة الشرعية هي فقه المواءمة بين مقتضيات الشرع بحيث لا يقع التناقض بينهما أبدا فيوقف تطبيق الحكم فترة يتحدد مداها بزوال الظرف المؤثر .

فالسياسة الوضعية و السياسة الشرعية لكل منهما تكريس لمفهوم العدالة و لكل منهما خصوصيته .

  إن مهمة الفقهاء لا تتحدد في التوسط بين الإفراط و التفريط بحيث لايبعدون عن رجال السياسة بعد يتسبب في تبعيد تصرفات الولاة عن الشريعة و لا يقتربون منهم قربا يحبب شهواتهم بتسهيل طرقا إليهم ، و إنها خدمة لوطنهم .

إن الشريعة لا تنافي تأسيس التنظيمات السياسية المقوية لأسباب العمران فإعتقاد الطهطاوي وكذا التونسي و سعيهم لللحاق بركب التطور قد دفعهما لحتمية نقل التنظيمات و المؤسسات و الأحكام الوضعية إلى ديار الإسلام بشكل كلي أو على نحو التبصر و الإنتقاء .

فهذه السياسات تفتقد لصفتها الشرعية الحقة فإنها بنفيها للبعد الإهي وعدم إرتباطها بأي تصورات تتجاوز مقاصدها الدنيوية ، تنتزع منها أخص صفات السياسة من ثلات جوانب :

الجانب الأول : أنها موضوعة على الجور للطبيعة الوضعية لها و لإرتباطها بشرعية الأهواء و المصالح .

الجانب الثاني : أنها تفتقد تلك الرابطة الحيوية بين أمر الدنيا و الأخرة .

الجانب الثالث : أنها لايمكن أن تأتي إلا بالعدل النسبي .

  فلا تأتي بالعدل المطلق إلا سياسة شرعية قائمة على العدل في أحكامها و غاياتها و مقاصدها لا دخل لإرادة بشرية في تحديدها إلا من زاوية التفهم و الإستنباط و التكريس الحركي .

  و بالتالي فالقول بإمكان الإعتماد على سياسات وضعية أو إستجلاب مفهوم وضعي للسياسة بديلا عن المفهوم الشرعي هو قول تعوزه الدقة المنهاجية .

هل اعجبك الموضوع :
author-img
المعلوماتي : هو صاحب مدونة معلومة بين ايديك و هو شخص يحب مشاركة المعلومات التي تكون لها دور في افادة المتلقي و جعل ما يبحث عنه اقرب و بسهولة بالغة .

تعليقات

العنوان هنا