القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح مادة المسؤولية المهنية S4

شرح مادة المسؤولية المهنية




يقوم النظام القانوني في أي مجتمع من المجتمعات على مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم العلاقة بين أفراده ومؤسساته ، فتضبط سلوكهم وتحدد حقوقهم وواجباتهم ، ومهما تعدد مصادر هذه القواعد ، ومهما اختلفت درجاتها في إطار الهرم القانوني للمجتمع ، فإنها لا تستطيع النهوض بالمهمة المنوطة بها إلا إذا كانت تتمتع بقوة الالزام ، بمعنى أن تكون القاعدة القانونية واجبة الاحترام من جميع المخاطبين بها ، إما عن قناعة وانصياع اختباري ، وإما إذا لزم الأمر ، عن طريق القوة الجبرية التي تتمثل في التنفيذ المباشر لقاعدة القانون بإزالة ما وقع مخالفة لحكمها ، أو في استعمال الجزاءات القانونية التي تملك السلطة العامة توقيعها على المخالفين من أفراد المجتمع .
والنظام القانوني بصورته هذه يخاطب جميع أفراد المجتمع ، بحيث يلحق الجزاء كل من يخرج على قاعدة القانون طالما توافرت لديه الأهلية المطلوبة لتلقي خطاب المشرع وفهم ما تضمنه من أحكام . 
وهكذا لا يخرج المهنيين من أفراد المجتمع عن دائرة المخاطبين بأحكام القواعد القانونية فأصحاب المهن شأنهم في ذلك شأن غيرهم من الناس ، معنيون بخطاب القواعد القانونية يكتسبون منها حقوقهم ويتحملون باإلتزاماتهم ، سواء في إطار علاقاتهم المهنية أو لدى قيامهم بأنشطتهم الاجتماعية الأخرى ، فالنظام القانوني في المجتمعات الحديثة ينهض على مبدأ المساواة التي تنص عليه صراحة مختلف الدساتير  .  
ويقصد بالمهني أو أصحاب المهن الحرة الأشخاص الذين يمارسون مهنهم على وجه  الاستقلال ، فهي مهن يعتمد أربابها في ممارستها على المجهود الفكري كعامل أساسي لمباشرة المهنة ، كما يجب أن يباشر أصحاب المهن الحرة مهنهم بأنفسهم دون واسطة ودون وجود سلطة رئاسية إدارية لها سلطة التوجيه عليهم ، وبذلك يتسع مفهوم أرباب المهن الحرة ليشمل مهن ذات طابع فني ، كالطب والصيدلة ، أو ذات طابع تقني ، كالهندسة ، أو ذات طابع قانوني ، كالمحاماة والتوثيق 
 وقد تضاعف نشاطات الأفراد بفعل ما طرأ من تقدم على مختلف الميادين الحياتية في الوقت المعاصر ، حيث التقدم الصناعي أوجد عمالا متخصصين وأصحاب خبرات ، وكذلك التقدم العلمي في شتى المجالات استوجب تخصصا رفيعا رقيقا في الممارسة ، كما أن التقدم الاقتصادي في مختلف فروعه تطالب خبرة وفتا وتمرسا في الميدان ، وهذا ما أدى إلى تطور في العلاقات القانونية ، والى قيام التزامات إضافية وإلى إثارة مواضيع جديدة ، كان من أهمها مسؤولية المهني نظرا لأهميته والتعلقه بصلب حياتنا اليومية ، وبالقسم الأكبر من النشاطات الإنسانية ، حيث يبرز أثره بشكل خاص في تلك المهن التي تتطلب فنا في أدائها وخبرة في ممارستها ، وتوجب بذلا للعناية في تنفيذها ، الأمر الذي ادي مع هذه التعقيدات الجديدة إلى تزايد الحوادث المحتملة والى تضاعف الأخبار والأضرار ، مما أوجب مساءلة أصحاب هذه المهن 

 واقتضى تطور تلك المهن من الناحية الفنية والتقنية أن يصاحب هذا التطور تطورا من الناحية القانونية لتنظيم عمل أصحاب تلك المهن الحرة ، سواء من حيث إنشاء هياكل تنظيمية التدبير شؤونها ووضعية المنتسبين إليها ، أصطلح على تسميتها بالنقابات المهنية ، كنقابة المحامين ، ونقابة الأطباء مثلا  الأمر الذي استتبعه أيضا محاولة الفقه تنظيم المسؤولية المدنية لأصحاب المهن الحرة ذلك لأن المشرع لم يتناول تنظيم مسؤوليتهم بقواعد خاصة في مدونة موحدة ، مع أن مسؤولية أصحاب المهن الحرة تشكل موضوعا على جانب كبير من الأهمية ، ذلك لأنها من المسائل التي تتعرض للمستجدات بسبب تسارع وتيرة التطور على المستوى العلمي والفني والاجتماعي ، الأمر الذي نتج عنه ظهور أنماط جديدة من السلوك والمعاملات التي تحتاج إلى التنظيم القانوني وخاصة في مجال المسؤولية المدنية . وعلى الرغم من المجهودات التشريعية والفقهية والقضائية في مجال تنظيم المستجدات في مجال المسؤولية المدنية عموما ، ومسؤولية أرباب المهن الحرة خصوصا ، باعتبارها من تطبيقات المسؤولية المدنية ، الأمر الذي يثور معه التساؤل حول إمكانية تطبيق قواعد المسؤولية المدنية بصفة عامة على أصحاب المهن الحرة ، ومن ثم تتمتع المسؤولية المدنية للمهنيين بذات السمات وخصائص القواعد العامة أم تنفرد المسؤولية المدنية لأرباب المهن الحرة بقواعد خاصة ومن ثم فلها سمات وخصائص تختلف عن سمات وخصائص المسؤولية المدنية عموما . .
 وبعبارة أخرى ، هل يكفي تطبيق القواعد العامة في مجال المسؤولية المدنية أم لابد من تخصيص قواعد لتنطبق على فئة المهنيين .

هل اعجبك الموضوع :
author-img
المعلوماتي : هو صاحب مدونة معلومة بين ايديك و هو شخص يحب مشاركة المعلومات التي تكون لها دور في افادة المتلقي و جعل ما يبحث عنه اقرب و بسهولة بالغة .

تعليقات

العنوان هنا