 |
| الدرس اللغوي : الرمز و الأسطورة , الثانية باكالوريا |
الدرس اللغوي : الرمز و الأسطورة
السلام عليكم أعزائي التلاميذ في درس جديد من الدروس اللغوية و هو درس الرمز و الأسطورة في اللغة العربية للثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانية .
أولا : الرمز
يدخل الرمز ضمن الصورة الشعرية للشعر الحديث فما معناه :
1. يقول يوسف الخال في قصيدة " البئر المهجورة":
عرفت إبراهيم جاري العزيز من
زمان عرفته بئرا يفيض ماؤها
وسائر البشر
تمر لا تشرب منها لا ولا
ترمي بها حجر
" لو كان لي أن أنشر الجبين
في سارية الضياء من جديد"
يقول إبراهيم في وريقة مخضوبة
بدمه الطليل.
سنلاحظ أن الشاعر إستخدم مجموعة من الألفاظ التي لم تعد لها دلالتها المعجمية الأصلية فإبراهيم ليس مجرد إنسان أو شخص أو مواطن ولكنه أصبح رمزا لكل من يشبه بالفعل وكذلك عندما يقول البئر فلفظ البئر معجميا هو ذلك النبع المائي الذي يقصده الناس من أجل الحصول على الماء ولكن قد يكون معنى البئر أو معنى الماء دلالة على شيء آخر كالعطاء مثلا .
2. يقول أمل دنقل في قصيدة " مقابلة خاصة مع ابن نوح :
وانطوت في لحظة كل العصور. وإذا بالليل ينهار وتنهار السدود
وأنا اصعد من عالمها السفلي نحو النور والفجر البعيد.
بابل لم تبعث ولم يظهر على أسوارها المبشر الإنسان.
ولم يدمرها، ولم يغسل خطايا أهلها الطوفان.
نلاحظ استخدام ألفاظ مثل الليل و السدود و النور و الفجر فهي ليست ألفاظا عادية إذا أخذنا معناها المعجم كما نعرفه فإن المعنى سيختل عندنا لذلك سنفترض بأن الشاعر يقصد بالليل شيئا آخر وعادة ما نستخدمه هذا اللفظ مثلا في الدلالة على الاستعمار أو الظلم أو الدلالة على الاستبداد أو غيرها من المعاني في المقابل عندنا لفظ النور الذي قد يدل على الاستقلال على الحياة على الأشياء الجديدة أو على حياة أفضل النور الفجر وكذلك الطوفان وبابل ما يهمنا هنا هو أن الشاعر استخدم هذه الألفاظ التي هي عبارة عن رموز و لها معاني غير المعاني المعجمية التي نعرفها وهنا يتدخل القارئ بتأويله فلها مجالات متعددة فقد أخذ بعض الألفاظ من الطبيعة ألفاظ أخرى أخذها من حضارات الأمم الأخرى أو من الأسطورة أو من المجال الديني .
3. ويقول بدر شاكر السياب في قصيدتين مختلفتين :
- ودغدغت صمت العصافير على الشجر **** أنشودة المطر ...
- الأفق غابات من السحب الثقيلة والرعود **** الموت من أمطارهن وبعض أرمدة النهار
فالشاعر قد استخدم لفظ المطر رمزا لم يعد يأخذ معناه المعجمي وإنما أصبح يأخذ معنى سياقيا يحتاج معه القارئ إلى تأويل و البحث عن دلالات تغني النص لكن هنا نفترض بأنه استخدم هذا اللفظ من أجل الفرح والسرور وهنا استخدمه من أجل الحزن والموت وهذا يعني بأن الرمز ليس له معنى محدد وليس له توظيف معين الشاعر يستطيع أن يستخدم الرمز نفسه بمعاني مختلفة وأحيانا بمعاني متناقضة .
إستنتاج عن الرمز :
نستنتج من كل ذلك بأن الرمز هو أولا وسيلة تعبيرية استحدثها الشاعر المعاصر لتجاوز أدوات التعبير المألوفة التي هي الاستعارة والتشبيه والكناية وغيرها يتميز أيضا بكونه طاقة إيحائية يعني يسمح لنا بأن نبحث عن معاني جديدة غير المعاني المعجمية المعروفة للكلمات تتسع لاستيعاب تجربة الشاعر ورؤياه الفنية وموقفه الفكري وهو تجاوز اللفظ لمعناه المعجمي إلى معنى آخر يفرضه السياق.
يستمد الشاعر المعاصر رموزه من مجالات متعددة كالطبيعة والتاريخ والحضارة والدين والأساطير والفنون .
استعمال الشعراء لرمز معين قد يختلف من شاعر لآخر ومن قصيدة لأخرى، كما يمكن ان يختلف من سياق لآخر في القصيدة نفسها أو عند الشاعر نفسه.
ثانيا : الأسطورة
1. يقول بدر شاكر السياب في قصيدة " سربروس في بابل "
لِيَعْوِ سَرْبَرُوس في الدروب
وَيَنْبُش التَّرَابِ عَنْ إِلَهِنَا الدَّفِينِ
تَمُّوزِنا الطَّعِين
عُشْتَارُ رَبِّةُ الشِّمَالِ وَالْجَنُوبْ
تَسِيرُ فِي السُّهُول وَالْوهَاد
تَسِير في الدُّرُوب
تَلْقُطُ مِنْهَا لَحْمٍ تَمُّوزِ إِذَا انْتَثَرْ
سربروس: هو كلب له ثلاثة رؤوس مفتوحة الأفواه باستمرار، وينفث السم من أحشائه وله ذيل تنين، وتكسو ظهره وشعر رأسه ثعابين مرعبة، وهو يحرس مملكة الموت
أو العالم السفلي.
تموز و عشتار : تموز هو ابن المياه العميقة، واله الخصب، يموت كل عام وينتقل إلى العالم السفلي المظلم، فترحل خليلته عشتار وهي إله الحب والخصب للبحث عنه، وفي أثناء غيابها تموت عاطفة الحب وتصبح الحياة مهددة بالفناء، فيبعث "أيا" الإله الأسطوري رسولا لإنقاذها فتسمح "الأتو" إلهة الجحيم لعشتار أن تغتسل بماء الحياة، وتعود إلى الأرض مع حبيبها تموز ، وبعودتهما تنبعث الطبيعة من جديد.
أو العالم السفلي.
تموز و عشتار : تموز هو ابن المياه العميقة، واله الخصب، يموت كل عام وينتقل إلى العالم السفلي المظلم، فترحل خليلته عشتار وهي إله الحب والخصب للبحث عنه، وفي أثناء غيابها تموت عاطفة الحب وتصبح الحياة مهددة بالفناء، فيبعث "أيا" الإله الأسطوري رسولا لإنقاذها فتسمح "الأتو" إلهة الجحيم لعشتار أن تغتسل بماء الحياة، وتعود إلى الأرض مع حبيبها تموز ، وبعودتهما تنبعث الطبيعة من جديد.
2. يقول أدونيس في قصيدة " البعث والرماد ":
فِينِيقُ إذ يَحْضنك اللهيب أي قلم تمسكه
وحينما يضمرك الرماد، أي عالم تحسه
غربتك التي تميت غربتي
أحترق
يكبر في الأفق ... يولد في الأفق
غربتك التي تميت غربتي
أحترق
يكبر في الأفق ... يولد في الأفق
وحينما يستيقظ الصباح
ينبت لي من أول جناح
مثلك يا فينيق
يا أيها الرفيق.
مثلك يا فينيق
يا أيها الرفيق.
الفينيق : أو العنقاء، هو طائر أسطوري.
تقول الأسطورة إنه لم يكن هناك في الكون سوى طائر فينيق واحد جاء من الجنة ليعيش في الأرض، وقد اختار مدينة فينيقيا، وهناك جمع أعشابا عطرة وبنى بها عشا، وفي اليوم الموالي عرفه إله الشمس بما في الأرض من ظلم وعذاب، فبدأ يضرب بجناحيه غضبا، فاشتعلت النار واحترق ثم تحول إلى رماد، وفي اليوم الموالي بزغت بيضة في العش تحولت في اليوم الثالث إلى طائر فينيق جديد.
3. يقول بدر شاكر السياب في قصيدة " رحل النهار":
رحل النهار
وجلست تنتظرين عودة سندباد من السفار
والبحر يصرخ من ورائك بالعواصف والرعود هو لن يعود
في قلعة سوداء في جزر من الدم والمحار
هو لن يعود.
وجلست تنتظرين عودة سندباد من السفار
والبحر يصرخ من ورائك بالعواصف والرعود هو لن يعود
في قلعة سوداء في جزر من الدم والمحار
هو لن يعود.
أو ما علمت بأنه أسرته آلهة البحار
السندباد: هو شخصية أسطورية من شخصيات ألف ليلة وليلة ، وهو بحار من بغداد، تعرض في رحلاته السبعة لكثير من الأهوال والأحداث الغريبة والعجائبية.
إستنتاج عن الأسطورة :
- الأسطورة قصة تجمع بين والواقع والخيال، وهي ترجع إلى ثقافة الحضارات القديمة، وفيها تتحول الظواهر والأشخاص إلى كائنات غير عادية تصل إلى حد الخرافة والغرائبية.
- يستخدم الشاعر الأسطورة باعتبارها وسيلة من الوسائل المستحدثة في بناء الصورة الشعرية، وهي تساعده في تكثيف المعاني والتعبير عن الرؤيا الشعرية أو الفكرية.
- قد يوظف الشاعر أكثر من أسطورة واحدة، وهو ما يحتاج معه إلى التوليف بينها على أساس أن تكون إحداها مركزية، والباقي فرعية.
- قارئ الشعر الحديث ملزم بامتلاك قدر مهم من المعرفة لكي يفهمه ويتجاوب معه.
تعليقات
إرسال تعليق