يقول محمود درويش في قصيدته "الأغنية والسلطان ":
لم تكن أكثر من وصف ... لميلاد المطر
ومناديل من البرق الذي يشعل أسرار الشجر
فلماذا قاوموها؟
حين قالت إن شيئا غير هذا الماء
يجري في النهر؟
وحصى الوادي تماثيل ... وأشياء أخر
ولماذا عذبوها
حين قالت إن في الغابة أسرارا
وسكينا على صدر القمر
ودم البلبل مهدور على ذاك الحجر.
في تقطيعنا لهذه الأسطر الشعرية سنجد بأن الشاعر استخدم تفعيلة واحدة وهي فاعلاتن وهذه تسمى وحدة صوتية وإيقاعية ولذلك يقال لهذا الشعر نظام التفعيلة .
فَاعِلاتُن فَعِلَاتُنْ فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ
فَعِلاتُنْ فَعِلاتُنْ فَاعِلَاتُنْ فَعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ
فَعِلَاتُنْ فَاعِلَاتُنْ
فَاعِلَاتُنْ فَاعِلَاتُنْ فَاعِلَاتُنْ فَاعِ
لاتن فاعلن
فَعِلاتن فَاعِلَاتُنْ فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ
فَعِلَاتُنْ فَاعِلَاتُنْ
فَاعِلَاتُنْ فَاعِلَاتُنْ فَعِلَاتُنْ فَا
علاتن فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ
فَعِلاتن فَعِلاتُن فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُن .
فالشاعر يختار تفعيلة ما ثم يقوم بتكرارها بالعدد الذي يحتاجه يمكن أن يستخدم تفعيلة واحدة فقط في السطر الشعري يمكن أن يستخدم تفعيلتين ويمكن أن يستخدم عدة تفعيلات تصل إلى تسعة , لكن هل استخدام التفعيلات وعددها في الأسطر الشعرية هو عشوائي هل يخضع لمقياس معين ؟
الذي يتحكم في طول السطر الشعري أو قصره هو الدفقة الشعورية وما معنى الدفقة الشعورية الدفق الشعورية هي إحساس الشاعر و رغبته في التعبير عن عواطف أو عن أفكار أو عن شعور داخلي أو عن إحساس معين , فكلما وجد الشاعر رغبة في أن يطيل السطر الشعري فهو يفعل وإن كان لا يحتاج إلى ذلك فيكون السطر الشعر قصيرا , نقول إذا كانت الدفقة الشاعر قوية فإن السطر الشعري يكون طويلا وإن كانت دفقته الشعورية ضعيفة فإن السطر الشعر يكون قصيرا .
ويتميز هذا النظام الشعري كذلك بأن الشاعر ينوع في القافية والروي أي أن حرف ( الراء ) الأخير في القصيدة أعلاه الشاعر ليس ملزما بأن يجعله موحدا كما كان يفعل شاعر المدرسة التقليدية أو شاعر إحياء النموذج أيضا القافية فإذا كانت القافية هي من آخر السكون إلى أقرب السكون فإنها في البيت الأول مثلا أو السطر الشعري الأول هي فاعلن تقابلها ( د المطر ) بينما نجدها مختلفة في السطر الشعري السابع فهي فقط لاتن ويقابلها ( بوها ) من لفظ عذبوها فهنا إذا اختلاف في القافية والروي , و من مظاهر التجديد كذلك في نظام السطر الشعري أن الشاعر يستطيع أن يقسم تفعيلة واحدة بين سطرين شعريين وهذا يسمى التدوير هو أن يأتي الشاعر ثم يجزء تفعيلة ما بين سطرين شعريين فيقول مثلا فاعلاتن فاع ثم يتابعها في السطر الموالي لاتن فاعلن أو كذلك في هذا المثال حين قالت إن في الغابة أسرارا وسكينا على صدر القمر يوازيها في الإيقاع فَاعِلَاتُنْ فَاعِلَاتُنْ فَعِلَاتُنْ فَا علاتن فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فتفعيلة فَا علاتن مجزئة بين سطرين شعريين .
2 : أنواع القافية في نظام السطر الشعري
لَمْ يَعْرِفُونِي فِي الظَّلال الَّتِي
تَمْتَصُّ لونى فى جَوَازِ السِّفَرْ
وَكَانَ جُرْحِي عِنْدَهُم مَعْرِضاً
لِسَائِحٍ يَعْشَقَ جَمْعَ الصُّوَر
لم يَعْرِفُوني، آه .. لَا تَتْرُكِي
كَفِّي بِلَا شَمْسٍ،
لأنَّ الشَّجَرْ
يعرفني..
تعرفني كُلُّ أَغَانِي المَطَرْ
لا تَتْرُكيني شَاحِباً كَالقَمَرْ
الشاعر في القصيدة التي تعتمد نظام السطر الشعري وقلنا إنه ينوع في القافية والروي له ثلاث إمكانيات أولا يمكن أن يستخدم قافية مرسلة والمقصود بها أن كل سطر شعري يكون مختلفا في القافية عن الأسطر الشعرية التي تأتي بعده مثلا هنا التاء ثم الراء ثم الضاد فالكاف فالسين ففي هذه الحالة تكون القافية مرسلة يمكن أن يستخدم قافية متتابعة ومعناها أن يأتيا بالروي نفسه في سطرين متتابعين أو أكثر ثم ينتقل إلى روي آخر وهكذا ويمكن أن يستخدم قافية مركبة وفي هذه الحالة فإنه يستخدم رويا موحدا في مجموعة من الأسطر الشعرية ثم يذهب إلى روي آخر مثلا السين ثم يعود مرة أخرى إلى الراء وهكذا فهو يستخدمها بطريقة مركبة.
استنتاج :
1. السطر الشعري هو تركيبة موسيقية تتخذ شكلا طباعيا يختلف عن الشكل الطباعي التقليدي، و هو يعتمد التفعيلة كوحدة إيقاعية وموسيقية عوض البحر الشعري، وهذه التفعيلة تتكرر بشكل متفاوت بحيث لا يقل عددها عن تفعيلة واحدة ولا يزيد عن تسع تفعيلات، وقد يجزئ التفعيلة بين سطرين شعريين بواسطة التدوير .
2. يخضع طول السطر الشعري أو قصره للدفقة الشعورية بحيث يأتي طويلا إذا كانت الدفقة الشعورية قوية ويأتي قصيرا إذا كانت هذه الدفقة ضعيفة.
3. تتنوع القافية في نظام السطر الشعري فتكون مُرْسَلَة إذا كان حرف الروي متنوعا، وتكون متتابعة إذا توالى الروي في سطرين أو أكثر، وقد تكون مُرَكَّبَة إذا كان حرف الروي يظهر ثم يختفي ليعود مرة أخرى في أسطر شعرية موالية.
تعليقات
إرسال تعليق